إحياء فكرة المدارس والحوزات النموذجية - علامة العسکری بین الاصالة و التجدید نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علامة العسکری بین الاصالة و التجدید - نسخه متنی

ابومنتظر کنانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وبعد أن يتناول العلاّمة العسكري أقوال علي الوردي المتناقضة مع الإسلام ومبادئه الشريفة ويحاول بها تحريض المجتمع ضد الدين والفضائل والأخلاق يقول في نهاية الكتاب بلغة الواثق من نفسه القادر على درء الشبهات ودحض المزاعم الباطلة: (وأخيراً نصافح المؤلف ونهنئه على توفيقه في أكثر من نقطة واحدة من بحثه التأريخي ونخالفه في بعض آرائه أيضاً ولعنا نوفّق الى نشر نقدنا لقسم من الكتب التأريخية القديمة فيعرف بذلك رأينا فيما كتب هو وغيره عن تاريخ العصور الإسلامية الأولى)( [21]).

إحياء فكرة المدارس والحوزات النموذجية

على الرغم من الانجاز العلمي العظيم الذي تحقق على يد العلاّمة العسكري من خلال كتابه (عبد الله بن سبأ وأحاديث أم المؤمنين عائشة) الا انه ظلّ يعتبر ذلك انجازاً ناقصاً ودون مستوى طموحاته التي كانت أبعد من ذلك بكثير.. صحيح أن مثل هذه الكتب وسائر تحقيقاته العلمية في مجال التأريخ والحديث تلبي حاجة الكثير من الباحثين عن الحقيقة وطلاب العلم والمعرفة وتسد فراغاً كبيراً في المكتبة الإسلامية ظلت تعاني منه لقرون طويلة ، لكنها رغم ذلك لا ترقى الى مستوى توعية الأمة بأوضاعها وظروفها وبما يحيط بمسيرتها من مصاعب وعراقيل ومعوّقات وبما يخطط لها الأعداء في السرّ والعلن لإبعادها عن دينها وعقيدتها ، فكان يرى تأسيس المدارس الحديثة الخطوة الأولى والأساسية الضرورية لتربية الأمة على الإسلام كما تربى المسلمون الأوائل ، وتوعيتها بمسؤولياتها في الدفاع عن العقيدة والرسالة بما يجب ، لذلك تشبث بهذه المدارس وباصلاح المناهج الدراسية سواء في المدارس أو في الحوزات العلمية وأصرّ على المضي في هذا السبيل مهما بلغت الصعاب وحاربه المحاربون حتى قال: (لقد عاهدت ربي انه لو أفشل مائة مرة فاني أعيد الكرة مرة اُخرى حتى أنجح).

لقد أدرك العلاّمة العسكري أن الأمة لا تبخل على دينها وعقيدتها ولا تقبل عنها بديلاً ، غير ان مجرد ذلك لا يكفي لمواجهة التحديات القائمة أمام الدين ودرء الشبهات التي تثار في الداخل والخارج ضد الكثير من المعتقدات والثوابت والمبادئ مالم يكن مثل هذا الشعور وهذه الرغبة للذود عن الإسلام معززاً بالوعي لحقيقة ما يجري من حولها والوعي للاحساس بالمسؤولية ، فمن لا يشعر بمسؤوليته يتحول الى كائن غائب عن الوعي. هذا ناهيك عن ان المدارس القائمة آنذاك كانت مصممة وفق مخطط استعماري مدروس لتنشئة الجيل الاسلامي وفقاً لرغبات الاستعمار وأهدافه ، جيل لا يهتم بشؤون مجتمعه ، ويحب الراحة والكسل ويسعى للحصول على الشهوات. وفي هذا الخصوص يقول صموئيل زويمر رئيس جمعيات التبشير في مؤتمر القدس للمبشرين الذي عقد عام 1935: (ان أهم الأساليب للوصول الى تدمير أخلاق المسلم وشخصيته يمكن أن يتم بنشر التعليم العلماني.. ومدام المسلمون ينفرون من المدارس المسيحية فلابد أن ننشئ لهم المدارس العلمانية ونسهل التحاقهم بها ، هذه المدارس التي تساعدنا على القضاء على الروح الإسلامية عند الطلاب).

لذلك كله صب العلاّمة العسكري معظم جهوده واهتمامه لتربية جيل من الأمة يعي مشاكل المجتمع ويشير بمسؤوليته تجاهها وينهض بها ، فالوعي هو العنصر الأساس من عناصر النهضة ، ولولاه تعود الأمة خامدة جامدة وأسيرة للتأثيرات الخارجية الخاضعة لعمليات التضليل الاعلامي وأساليب الأعداء الدعائية.

وقد أكد القرآن الكريم كثيراً على مسألة الوعي وحارب التخلف والجهل وحث الانسان على التدبر والتفكر والتعقل في نظرته الى الأمور وتفسيره لما يدور حوله من أحداث(أفلا يتدبّرون القرآن على قلوب أقفالها)( [22]) ، (لنجعلها لكم تذكرة وتعيها اذن واعية)( [23]) (وسخّر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخّرات بأمره ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون * وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه ان في ذلك لآيات لقوم يذّكرون).

ومن خلال فهمنا لموقع الوعي وأهميته ودوره في جعل المسلم يحس بواقعه المتخلّف وفي دفعه الى تحطيم قيود الطواغيت ورفض الاستعباد السياسي والثقافي والاقتصادي ، وفي تأهيل الأمة الإسلامية لقيادة المجتمع الانساني ، نفهم مغزى فرض الجهل والتخلف على الأمة من قبل الحكام والطواغيت ، ونفهم مغزى الغزو الثقافي الاستعماري الذي يستهدف الأمة ومعتقداتها منذ زمن بعيد ، وأخيراً نفهم مغزى محاربة السلطات الجائرة المنحرفة الحاكمة في العراق للمدارس والمؤسسات التربوية والتثقيفية التي أقامها العلاّمة العسكري ، ومن ثم اغلاق هذه المدارس والمؤسسات لأنها خشيت من الأجيال الواعية التي تتخرّج من هذه المدارس وما تقوم به من دور في توعية الأمة بما يحدق بها من أخطار وبمسؤولياتها تجاهها.

/ 109