خدمات كبيرة لخط الثورة والامام الخميني - علامة العسکری بین الاصالة و التجدید نسخه متنی

ولابد من الاشارة هنا ونحن نتحدث عن الوحدة الإسلامية الى الدور الكبير والمؤثر الذي لعبه العلاّمة السيد العسكري في تعزيز الوحدة الإسلامية بين أبناء الأمة الواحدة ، وقد قام سماحته بخطوات عملية في هذا الصدد ، فبعد أن أسس كلية أصول الدين في بغداد لم يجد سماحته ضيراً من استدعاء بعض العلماء السنة للتدريس فيها الى جانب علماء النجف ، ومنهم الدكتور أحمد عبد الستار الجواري والدكتور ابراهيم السامرائي ولم يكن بينهم أي خلاف.([107]) الأمر الذي يعكس عمق العلاقة بين العلاّمة العسكري وبين علماء السنّة ، كما كان بينه وبين الشيخ الشهيد عبد العزيز البدري - وهو من علماء السنّة البارزين الذي استشهد على يد النظام العراقي - إخاء وصداقة وكذلك بين سائر الاسلاميين.([108])

ويرى سماحته أن التفرقة بين الشيعة والسنّة (سياسية وليست عقائدية ،فمن ناحية العقيدة يكفي أن نعرف أن في فقه أهل البيت أن إمام الجماعة الذي لا يقرأ البسملة مع سورة الحمد صلاته باطلة ، وصلاتي أنا خلفه باطلة ، لكن المسلم أو إمام الجماعة من أتباع مدرسة الخلفاء لا يقرأ البسملة لأنه لا يرى ان البسملة جزء من السورة ، ولأن الاختلاف هو اجتهادي ، فان الامام الصادق نفسه يقول: إن صلاتك خلفهم في الصف الأول كالصلاة خلف رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ان أخي السني يعمل حسب ما توصل اليه علمه - فعلمه عنده صحيح - وأنا أكون أبني على صحة عمله واقتدي به ، هكذا أمرنا الامام الصادق).

ومن المظاهر الإسلامية التي تكتسب حالة جماهيرية ، بكل معنى الكلمة هي الشعائر الحسينية واحياء ذكرى ثورة الامام الحسين(عليه السلام) في شهر محرم الحرام من كل عام. وفي اشارة الى أهمية هذه المناسبة الجماهيرية ودورها المؤثر جداً في التوعية والتغيير يقول الامام الخميني(رضي الله عنه): (ان كل ما لدينا من محرم وصفر). الأمر الذي يعني أن هذه المناسبة لها مضامين رسالية كبيرة لو أحسن استخدامها وتوظيفها لخدمة القضية الإسلامية وتوعية الجماهيري الى شؤونها وشؤون دينها ووضعها.

وتشير الروايات الى أن أئمة أهل البيت(عليهم السلام) دأبوا على احياء هذه الذكرى بطرق هادئة توضح للأمة أبعاد الثورة الحسينية وأهداف الامام الحسين في مقارعة الظلم والطغيان والفساد والانحراف في الأمة ولا سيما فساد وانحراف الحكام. وقد أراد الأئمة(عليهم السلام)في جانب من أهدافهم أن يؤكّدوا للأمة بشكل عام ولأتباع مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)بشكل خاص أهمية هذه الذكرى وضرورة التمسك بها واحيائها من كل عام ، غير أن الشعائر الحسينية تحولت و بمرور الوقت الى ممارسات خاطئة وبعيدة عن أهداف الامام الحسين(عليه السلام) وثورته ، وأصبحت تقليداً تأريخياً تؤديه فئة معينة من الناس مع التأكيد على الجانب المأساوي للقضية على حساب الجانب الرسالي فيها.

ولم تنفع الجهود التي بذلها العديد من الاسلاميين الواعين من أجل اعادة الروح الحقيقية الى الشعائر الحسينية وتحويلها الى مناسبة للتوعية ولنشر المفاهيم الإسلامية المباركة في ايران والتي غيّرت الكثير من المفاهيم الخاطئة ومنها بعض العادات والتقاليد الخاطئة في احياء ذكرى الثورة الحسينية.

وخلاصة القول أن التحرك الاسلامي على صعيد الاحتفالات الدينية كان يحدث في مناسبات متفرقة بشكل جماهيري كبير ، إلا أنه لم يشكل مظهراً حركياً مغيراً في الأمة. أما الشعائر الإسلامية فإنها ظلت تدور في الأوساط غير الرسالية دون أن تتمكن المحاولات القليلة من استيعاب الجمهور وتوجيهها باتجاه الممارسة الهادفة.

العسكري في ظل حاكمية الإسلام

خدمات كبيرة لخط الثورة والامام الخميني

لايمكن التوصل الى حقيقة نظرة السيد العسكري لشخصية الامام الخميني(رحمه الله)ولثورته الإسلامية الاّ بالاحاطة بمجموعة من العوامل سنأتي عليها لاحقاً ، ولكن من المهم الاشارة الى ان مسألة بناء الدولة الإسلامية والايمان بضرورة اقامة الحكومة الإسلامية تعتبر ركناً أساسياً لدى العسكري في تقييم الامام ومعرفته ، ولما كان الامام الخميني من رواد العمل السياسي الاسلامي ومن أوائل الساعين لاقامة الحكومة الإسلامية كان لابد للعسكري أن يكون في صف الامام دائماً ، فما هي العوامل التي حالت دون ذلك ؟ ولماذا لم يعرف عن العسكري اندكاكه بتجربة الثورة الإسلامية ؟ وماهو السر الذي جعل العسكري يبدو بعيداً بعض الشيء عن هذه التجربة الرائدة؟

أليست هذه هي أهدافه بعينها يرفعها ويحققها الامام الخميني؟