كتاب هو الأول من نوعه يستعرض سيرة 39 صحابياً من أصل 150 صحابياً لم يكن لهم وجود في الأصل وإنما خلقهم وألبسهم لباس الصحابة ونسب لهم من الأحاديث ما نسب هو رجل واحد اتهمه علم الرجال والنسابون والمحققون بالزندقة والتزوير والتلفيق وأقل ما قيل عنه: إنّه ضعيف الرواية لا يُعوّل عليه.هذا الكتاب من تأليف العالم الجليل البحّاثة السيّد مرتضى العسكري عميد كلية أصول الدين والمرجع الديني في قسم كبير من مدينة بغداد والكاظمية.وللسيّد العسكري ميزة قلّما وجدت في المؤلفين البحّاثين فضلاً عن مؤهلاته العلمية وما يتمتع به من قابلية تثير الإعجاب ، وهي أنه حين يتصدى للبحث يتصدى وهو كامل العدة لا ينقصه شيء لكي يمشي في بحثه غير متأثر بمبدأ أو عاطفة أو غرض غير غرض العلم ، وان نسيان العاطفة هذه وتركها في الصندوق أو على الرف الى حين الفراغ من البحث في بطون التأريخ ليست بمقدور كل أحد ; لأن الكثير من الباحثين والمدققين يريدون أن يكتبوا التأريخ كما يحبون هم أن يكتب ، وكما يميلون أن تكون قد وقعت حوادثه ، لذلك قل عدد الذين نشأوا أنفسهم تنشئة علمية وروّضوا أقلامهم على تسجيل الوقائع دون ميل الى صنف أو أخذ شيء بنظر الاعتبار غير الحقائق الملموسة والمستندة الى الواقع العلمي والمنطق الذي يقاس به المعقول من الأمور.وعلى ضوء هذه المبادئ التي مشت عليها القلّة في الدرس والتمحيص درس السيد العسكري سيرة (عبد الله بن سبأ) الشخصية التأريخية الوهمية التي اختلقها سيف بن عمر التميمي فأخرج لنا كتاباً باسم (عبد الله بن سبأ) هو الحلقة الأولى من سلسلة (دراسات في الحديث والتأريخ) وعرض فيه ترجمة سيف بن عمر التميمي وأقوال المحدثين الثقات عن أحاديثه وتلفيقاته ، واتهام المؤرخين له بالزندقة ووضع الأحاديث الملفقة ، ثم راح يتتبع سيرة عبد الله بن سبأ في سياق الأخبار الواردة حتى أوصل روايات عبد الله بن سبأ وأخباره الى سيف بن عمر ، وأورد الكثير من نصوص المؤرخين وعلى رأسهم ابن جرير الطبري فاذا بها عين النصوص التي أوردها سيف بن عمر ثم تنقطع أخبار عبد الله بن سبأ عن غير طريق سيف بن عمر التميمي.صحيح أن عدداً من المحققين القدماء قد التفت الى شخصية ابن سبأ الوهمية ووضع سيف بن عمر الأخبار على لسانها ، وان من المتأخرين الذين أشاروا الى وهمية وجود ابن سبأ كان عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ، ولكن لم يتصدّ أحد - لا من المتقدمين ولا من المتأخّرين - للتغلغل في سيرة هذا الرجل الوضّاع أعني به سيف بن عمر الذي يخلق الأشخاص ويضع على ألسنتهم الأحاديث وينسب لهم الأشعار ، حسب ميوله وأهوائه وأهدافه التي ينشدها ، على رغم ما اتصف به من الكذب والاختلاق والزندقة. فكان السيد العسكري أوّل باحث تتبع أخبار ابن سبأ ووضع أمام القراء كيفية اختلاق سيف بن عمر لها حتى حسبها الناس (الذين ليس لهم بالتحقيق والتدقيق صلة أو بعض صلة) أنها حقائق ناصعة لا تقبل التشكيك.