ذهنية سياسية متميّزة - علامة العسکری بین الاصالة و التجدید نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علامة العسکری بین الاصالة و التجدید - نسخه متنی

ابومنتظر کنانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ذهنية سياسية متميّزة

ليس من باب الاطراء وكيل المديح عندما نقول ونؤكد بأن العلاّمة العسكري كان يتميّز عن غيره من علماء الدين وطلبة الحوزة العلمية بكثير من الأمور ، وقد مرت الاشارة الى بعض المقتطفات التي كانت في حقيقة الأمر غيضاً من فيض. فالعلامة العسكري كان عالماً استثنائياً في تحقيقاته العلمية الفريدة من نوعها ، وفي مبادراته ومشاريعه التي لا نبالغ اذا قلنا انه لم يسبقه اليها أحد ، وكان استثنائياً في عدم ايمانه بالفشل والاخفاق وهو الذي عاهد ربّه أن يكرر المحاولة مائة مرة من أجل انجاح المشروع الذي كان ينوي تنفيذه. وكان استثنائياً في تفكيره بهموم الأمة في العراق وما يجري التخطيط من المكائد ضده في السر والعلن.

وقبل حوالي نصف قرن من الزمان وفيما كان الشغل الشاغل والهم الأكبر لطلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وغيرها من الحوزات هو الانكباب على دراسة الفقه والأصول - مع الاكتفاء بهما طبعاً - وترقي مدارج العلم ، كان العلاّمة العسكري يركز اهتمامه الأساسي على قضايا اُخرى أكثر أهمية من تلقي العلم للعلم ، إنه كان يتأمل وضع الأمة وحالة التخلف وروح الهزيمة المهيمنة عليها ، ويتأمل الأعداء وجميع المتربصين كيف يخططون لاستبعاد الأمة وسلب الوعي منها وطردها من الساحة كي يخلو لهم الميدان فيسرحوا ويمرحوا كيفما يشاؤون ويتلاعبوا بمقدرات الأمة وبمادئ العقيدة كيفما يؤمرون به من قبل الأسياد.

هذه الأوضاع المزرية كانت تؤرق العلاّمة العسكري ليل نهار وتسلب الراحة منه ، ولكنه لم يكن ليستسلم للأقدار التي ترسمها يد البشر مهما كان هذا البشر قوياً. فالايمان بالمبدأ والثقة بنصر الله هما سلاح الانسان الرسالي لمقارعة أقوى طواغيب الأرض ، وهو نفس السلاح الذي تغلّب به أنبياء الله ورسله وجنده على الجبابرة والحكام الظلمة.

فكان العلاّمة يتأمل ويفكر ويخطط كيف يبدأ ومن أين يبدأ وبمن يستعين ويستمد منه العون بعد الله تعالى.. لقد بدأ أوّلاً بالمدارس الحديثة وبتعديل مناهج الحوزة لنشر الوعي بين الشباب وطلبة الحوزة.. ثم أخذ يفكر بعمل أوسع يستوعب طاقات اُخرى خارج هاتين الدائرتين.. العمل السياسي وتشكيل الأحزاب ، وهكذا أيضاً تحركه على سائر فئات وطبقات الشعب وبالنشاط والفعالية التي تناسب كل فئة.

ولا شك ان التفكير في العمل السياسي ومن خلال حزب منظم لَينم عن ذهنية سياسية خارقة وان ذلك حدث قبل حوالي نصف قرن من الزمان حيث كان الاستماع الى الراديو للاطّلاع على الأخبار - على سبيل المثال - بدعة في نظر بعض طلبة الحوزة ، فكيف بتشكيل حزب سياسي ؟ غير أن العلاّمة العسكري لم يعبأ بجميع تلك التصورات الخاطئة التي ما غرسها في الأذهان الاّ الاستعمار الكافر لقتل روح المبادرة وعنصر التفكير والتخطيط في الأمة ، ومضى في طريقه على الرغم من العراقيل والصعاب والمخاطر التي حفت بها الطريق لتحقيق تلك الآمال.

واذا أردنا أن نعدد المؤشرات على ذهنيته السياسية المتقدة فلا أعتقد اننا سنصل الى المحطة النهائية ، ولذلك نكتفي ببعض تلك المؤشرات والتحركات التي جعلت منه الشخصية الإسلامية البارزة التي يشار اليها بالبنان.

عندما تآمر البعثيون بالتعاون مع عبد السلام عارف ضد عبد الكريم قاسم في عام 1963 واستحوذوا على السلطة ربما لم يكن بعض طلبة الحوزة قد سمعوا باسم البعث فكيف بأفكاره المعادية للدين والإسلام وبأهدافه ومخططاته لضرب الدين باعتباره العقبة الكأداء أمام تحقيق أهدافه الخبيثة خدمة لأسياده ومؤسسيه الصليبيين الحاقدين على كل ما يمت الى الإسلام بصلة.

وهنا يبرز دور العلاّمة العسكري وكونه من الحالات النادرة في الحوزة العلمية فيما يتعلّق بقراءة الواقع الذي يحيط به وكيفية التعامل معه والأساليب والخطط الكفيلة بعبور هذه المرحلة بنجاح..

/ 109