يتميّز منهج العسكري في تقديم الحلول العقيدية والفكرية وتصوّراته عن المجتمعات كاملة لا ثغرة فيها وكل أدلتها من كتب خصومه أو الذين يحاججهم ويحاورهم فهو لا يستفيد من الأدلة التي يستخرجها من مصادر تتوافق مع انتمائه المذهبي أو الفكري أو الديني فحين يناقش المسيح واليهود يناقشهم بمصادرهم.([91])وكان هنالك وفد من الحاخامات اليهود جاءوا لزيارة الجمهورية الإسلامية للتوسط لإطلاق سراح جواسيس يهود أدينوا بتهم التجسس وسجنوا هنا ، زاروا هؤلاء السيد العسكري فقدم لهم نصائح مهمة بشأن مهمتهم ولكنه لم يفته السؤال عما يعتمدون عليه من طبعات التوراة والانجيل وما لا يعتمدونه ولما عرف ان نسخته التي يعتمد عليها مورد قبولهم تنفس الصعداء وسألهم ان كان هنالك غيرها أكثر اعتماداً ليبحث عنها.([92])وقضية استدلال السيد العسكري من كتب خصومه قضية لا تحتاج لدليل فقراءة كتاب واحد من كتب السيد العسكري يوضح هذه الحقيقة بالدليل القاطع فإذا ما وصل السيد الى نتيجة اتفاقية مع محاوره اضاف عليها ما عنده من أدلة لتقوية موقف النتيجة ولإثبات ان المنهج الحق يملك الدليل من منابعه ومصادره فيقدمه بعد أن يكون قد هيأ السامع والقارئ للاعتقاد بما عنده ; وبذلك يكون الموقف الذي ينقله العسكري موقفاً رصيناً هيأ له بترسيخ القناعة بخطأ الرأي الآخر ومن مصادر معتبرة وموثقة ثم أتحفه بالرأي السليم معززاً بالأدلة التي لا يخالفها إلا معاند جاحد.
أعظم مافي العسكري
ما قدمه العسكري للمسلمين اليوم طريقة رائعة في التفكير ومنهجاً سليماً للوصول الى الحقائق عبر اعادة قراءة التأريخ بعد التزود بالوعي والبصيرة الكافية القادرة على كشف التناقض ومعرفة نقاط الخلل وإعادة التناقضات والاختلافات لمعرفة السبب الحقيقي الذي يختفي وراء ظهورها..ويقدم العسكري في هذه الطريقة أمثلة رائعة على الجهد الدؤوب الذي بذله حين اكتشف ان روايات سيف بن عمر هي التي خلقت الاسطورة السبئية فقد أعاد كل ما قرأه الى مصادره ثم قرأ هذه المصادر وحدد مصادرها لينتهي نتيجة لذلك الى تحديد عدد قليل من المصادر هي أربعة فقط كلها تعود بالسند الى سيف الذي جمع صفاته من كتب الحديث وآراء المؤرخين الذين رموه بالكفر والزندقة والكذب واختلاق الأحاديث.لينتهي به الأمر الى هدم قاعدة أساسية من قواعد الزيف التي ظل التأريخ يعتمد عليها في خصومته مع منهج أهل البيت واتباع الأئمة الهداة من شيعة علي(عليه السلام)..حتى قال له أحد العلماء الكبار آنذاك: لقد رفعت عن الشيعة ظلامة كبيرة ورفعت رؤوسهم عالياً.([93])إن ما قدمه العسكري من عطاء في منهجه وطريقته والنتائج الباهرة التي خرجت بها هذه الطريقة تعتبر نصراً للمسلمين جميعاً على الزيف والتحريف ، وهي ليست انجازاً محصوراً بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) وأنصار التشيّع بل هي عطاءات عظيمة تسمح للمسلم أن يعود لقرآنه وسنّته ويستنطقها بوضوح عما يحتاجه في عالمنا المعاصر من إلتباسات فيكتشف الإجابات الصحيحة والآراء المقنعة والحلول المريحة لكل مشاكل التأريخ التي أدخلنا بها وعّاظ السلاطين وكتّاب الزيف ومجرمو آل أمية ومروّجو أباطيلهم.إني أعتقد أن السنّة النبوية هي التي انتصرت في حوارات العسكري ومحاججاته وكتبه ودراساته وإذا كان العسكري قد هدم وأزال ظلامة كبيرة من التشيّع فإنه أيضاً دفع ثمناً لا يستهان به بسبب خصومته مع أنصار الخرافات والخزعبلات التي تشتهر بها كتب التأريخ ، وقاومهم وقارعهم ولا زال رغم أنهم يغطّون هذه الخرافات بحب أهل البيت والزعم بإحياء أمرهم..ان الهوية الوحيدة التي تصلح أن تنسب لها كتب العسكري هي هوية الإسلام الكبير الذي أزال العسكري الكثير من الغبار والتشويش لإظهار الحقائق الناصعة ، وقدم للمسلم السنّي الطريقة المثلى للوصول الى السنّة النبوية كما قدم الشيعي لأخيه المسلم الآخر وكأنه سبقه الى الطريقة الأمثل لفهم السنّة ليس إلا ، لا كما يروّج أعداء الدين وأنصار الفرقة..
لطفا منتظر باشید ...
