قبل الدخول في الحديث عن تأسيس الحركة الإسلامية في العراق ودور العلاّمة السيد العسكري في هذا التأسيس ، لابد أن نعود قليلاً الى ماوراء مرحلة التأسيس ونسلّط الأضواء على خلفيات ودوافع هذا الحدث الكبير الذي شكّل منعطفاً حاداً في تاريخ العمل الاسلامي في العراق والصراع الذي كان قائماً ضد الدوائر الاستعمارية - الصليبية وعملائها المحليين من الحكام والتيارات الالحادية والتضليلية التي كانت تغزو الساحة العراقية آنذاك.فعلى الرغم من الدور المؤثر الذي قام به العلاّمة العسكري وسائر علماء الدين في تنمية الوعي الاسلامي والسياسي في الوسط العراقي وإيجاد الشعور بالمسؤولية في الأمة تجاه ما يبدو ويجري على الساحة والأخطار المحدقة بها ، ظل هذا التأثير رغم وضوحه دون مستوى الطموح والغاية المنشودة. وظل العمل الاسلامي يواجه العقبات أمام غاياته وأهدافه وانتشرت الأمية السياسية في أوساط الجماهير وتغلغلت الأفكار الالحادية والتضليلية في صفوف الشعب ولاسيما الشباب بشكل خطير لولا الجهود السياسية والفكرية التي بذلها المخلصون من العلماء والمثقفون الواعون ومن بينهم العلاّمة السيد العسكري كما سنأتي على ذكر ذلك لاحقاً.ولا يخفى أن هناك عوامل وأسباباً كثيرة تظافرت وحالت دون تنمية الوعي الاسلامي - السياسي لأبناء الشعب بالشكل المطلوب يمكن اختصارها بما يلي:1 - قلة الكوادر العاملة الواعية والقادرة على ايجاد الوعي الاسلامي والسياسي في المجتمع ، لذلك كان من الطبيعي أن يتركز اهتمام القائمين بالأمر على المناطق المهمة والحساسة وتحظى بالأولوية بالعمل الاسلامي الهادف مثل العاصمة بغداد وسائر المدن الكبيرة ومراكز المحافظات ، فيما بقيت القصبات والقرى والأرياف محرومة من المبلّغين والعاملين الواعين ، واقتصرت مهمة هؤلاء على القيام بزيارات خاطفة وسريعة للقرى والأرياف بهدف قبض الحقوق الشرعية من الفلاّحين دون أن تكون هناك محاضرة عن الإسلام وأفكاره ، ويذكر الأستاذ السيد حسن شبّر أنه حدّث المرجع الديني السيد محسن الحكيم(رضي الله عنه) عن ارسال المبلّغين الى القرى والأرياف ، فأجابه السيد الحكيم: بأن الجيد من العلماء لا يذهب ، وغير الجيد لا يفيد.([98])