فيه».
فقال عمر: افتحى الباب و الاأحرقنا عليكم [الدار]. فقالت: «يا عمر أما تتقى الله؟! تدخل على بيتى و تهجم على دارى؟!!».
فأبى ذلك و منعته فاطمه و استبسلت و لكنه ركل الباب برجله بقوه و فتحها عنوه، و لاذت الزهراء و راء الباب رعايه للحجاب، فعصرها بين الحائط و الباب عصره كادت أنفاسها أن تخرج فيها فكسر ضلعا من أضلاعها و أنبت المسمار فى صدرها و أسقطت جنينها و وقعت على الأرض مغشيا عليها.
فهجم هو و أتباعه على الدار شاهرين السلاح، فخرج اليهم الزبير شاهرا سيفه ليمنعهم و لكنه عثر و سقط على الأرض فوثبوا عليه و أخذوا السيف منه.
ثم دخلوا على على (عليه السلام) الدار فأخذوه و قادوه مكتفا بحمائل سيفه و هو صابر محتسب، فتصدت لهم فاطمه الزهراء لتمنعهم و لتحول بينه و بينهم بعدما قامت من غشيتها على ما فيها من الالام من شده العصره، فرفع خالد بن الوليد السيف و هو فى غمده ووجأ به جنبها فصرخت ثم أمر عمر قنفذا ليردها، فرفع هذا السوط و ضرب عضدها حتى اسود، فألجأها الى عضاده البيت فدفها فكسر ضلعا من أضلاعها، فلم يكتف عمر بذلك حتى رجع عليها بنفسه فسطرها على خدها حتى أحمرت عينها و انتثرقرطها فانا لله و انا اليه راجعون.
ثم أخذوا عليا الى المسجد، فهبت الزهراء (عليهاالسلام) لنصره الحق و الدفاع عن اين عمها، و خرجت على أثره كسيره الضلع منهكه الجسد، شاحبه الوجه فلما انتهت الى القبر صاحت يا أبه يا رسول الله ماذا لقينا بعدك؟ و قالت: «خلوا ابن عمى، فوالذى بعث محمدا بالحق لئن لم تخلوا عنه لأنشرن شعرى و لأضعن قميص رسول الله (صلى الله عليه و آله) على رأسى و لأصرخن الى الله».
و كادت تقلب نظام الحكم يومئذ بدعائها و استغاثتها، فلما أحس على (عليه السلام) بالخطر نادى سلمان و قال له: «أدرك بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصرفها عن الدعاء».
فجاءها سلمان و قال: يا سيدتى و مولاتى، ان الله- تبارك و تعالى- بعث أباك رحمته فلا تكونى نقمه.
فقالت: «يا سلمان، دعنى أنتقم من هؤلاء الظالمين». قال: ان عليا أمرنى أن أصرفك عن الدعاء.
قالت: «لئن قد أمر على فسمعا و طاعه، أصبر».
و ما غادرت فاطمه المكان حتى أخذت بيد على و عادت به الى الدار
[ البحار 43/ 47، روضه الكافى/ 199.]
و قد روى هذا الخبر بالفاظ متفاوته جمع من المؤرخين و المحدثين و المتقدمين و اليك بعض أقوالهم: فى العقد الفريد ج 2 ص 250، و تاريخ أبى الفداء ج 1 ص 156، و أعلام النساء ج 3 ص 1207: و بعث اليهم أبوبكر عمر بن الخطاب، وقال له: فان أبوا فقاتلهم. و أقبل عمر بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمه فقالت: «يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟». قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الامه.
و فى تاريخ الطبرى ج 3 ص 198 و الامامه و السياسه ج 1 ص 13 و شرح ابن أبى الحديد ج 1 ص 134: دعا- عمر- بالحطب و قال: والله لنحرقن عليكم أو لتخرجن الى البيعه 7 أو لأحرقنها على من فيها. فيقال للرجل: ان فيها فاطمه فيقول: و ان!!
ذكر ابن قتيبه فى (الامامه و السياسه) ص 19:
كيف كانت بيعه على بن أبى طالب (كرم الله وجهه)؟
قال: و ان أبا بكر تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند على (كرم الله وجهه) فبعث اليهم عمر، فجاء فناداهم و هم فى دار على، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب و قال: و الذى نفس عمر بيده لتخرجن أو لاحرقنها على من فيها.
فقيل له: يا أبا حفص ان فيها فاطمه!
قال: و ان!
فخرجوا فبايعوا الا عليا فانه قال: «حلفت أن لا أخرج و لا أضع ثوبى (ردائى) على عاتقى حتى أجمع القرآن».
فوقفت فاطمه (رضى الله عنها) على بابها و قالت: «لا عهد لى بقوم حضروا أسوأ محضرا منكم، تركتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) جنازه بين أيدينا و قطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا و لم تردوا (تروا) لنا حقا؟!
و يقول محمد حافظ ابراهيم (شاعر النيل) فى قصيدته العمريه:
و قوله لعلى قالها عمر
حرقت دارك لا أبقى عليك بها
ما كان غير أبى حفص يفوه بها
أمام فارس عدنان و حاميها
أكرم بسامعها أعظم بملقيها
ان لم تبايع و بنت المصطفى فيها
أمام فارس عدنان و حاميها
أمام فارس عدنان و حاميها
ذكر مصطفى بك الدمياطى فى شرحه على هذه القصيده ص 38: و فى روايه لابن الخطاب قال: حدثنا جرير عن مغيره عن زياد بن كليب قال: أتى عمر بن الخطاب منزل على و به طلحه و الزبير و رجال من المهاجرين فقال: والله لا حرقن عليكم أو لتخرجن الى البيعه فخرج عليه الزبير معلنا بالسيف فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه.... الخ.
كما روى ابن جرير الطبرى بحديث مماثل له.
و قد روى الشهرستانى فى (الملل و النحل) ص 83 عن النظام قال: ان عمر ضرب بطن فاطمه يوم البيعه حتى ألقت الجنين (المحسن) من بطنها، و كان يصيح: احرقوا دارها بمن فيها. و ما كان فى الدار غير على و فاطمه و الحسن و الحسين.
و روى مثل ذلك البلاذرى فى (أنساب الأشراف) ج 1 ص 404.
و ذكر ابن حذابه أو خرذاذبه فى غدره: قال زيد بن أسلم: كنت ممن حمل الحطب مع عمر الى باب فاطمه حين امتنع على و أصحابه عن البيعه، فقال عمر لفاطمه: أخرجى من البيت أو لأحرقنه و من فيه!!!
قيل: فى البيت على و فاطمه و الحسن و الحسين و جماعه من أصحاب النبى، فقالت فاطمه: «أفتحرق على ولدى؟!.
فقال: اى والله أو ليخرجن و ليبايعن!!
هذا ما ظفرت به من المصادر المذكوره فى كتب أهل السنه و الجماعه، و لعل غيرى يجد أكثر من هذه المصادر فى كتبهم.
بعد استعارض هذه النصوص التاريخيه انكشف لنا موقف بعض المسلمين تجاه أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و اتضح لنا أن بعض الأفراد لم يراعوا حرمه السيده فاطمه الزهراء و لا حرمه بيتها، و لا راقبوا كرامه زوجها أميرالمؤمنين على، و لا كرامه ولديها: الحسن و الحين، و لم يحفظوا فيهم حرمه الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) المرء يحفظ فى ولده.
عزيزى القارى ء: أعرض لك صوره موجزه للحوادث التى حصلت لعد يوم السقيقه و ما جرى على أهل بيت الرساله.
أنقلها ملخصا مما رواه أئمه الحديث و الحفاظ فى صحاحهم و مسانيدهم و مصادرهم الصحيحه من اخواننا علماء أهل السنه و الجماعه
[ اعتمدت هذه الحوادث على كتاب فاطمه الزهراء للسيد الخطيب القزئينى و كذلك على كتاب السيره للأئمه للسيد هاشم معروف الحسينى.] بألفاظ متفاوته تؤدى الى معنى واحد.
بعد البيعه المفاجئه و الخاطفه التى تمت بالخلافه لأبى بكر، عاد الى بعضهم رشده، و ندموا على تسرعهم و اندفاعهم لعقد البيعه بصوره ارتجاليه
لأبى بكر بتأثير عمر بن الخطاب و التحقوا بالمؤمنين الذين رفضوا اعطاء البيعه له و هم من أعيان الصحابه من المهاجرين و الأنصار و خيارهم و ممن أشاد النبى (صلى الله عليه و آله) بفصلهم و ادراكهم لحقائق الامور، أمثال العباس بن عبد المطلب، و عمار بن ياسر، و أبى ذر الغفارى، و سلمان الفارسى، و المقداد بن الأسود، و خزيمه ذى الشهادتين، و عباده بن الصامت ، و حذيفه بن اليمان، و سهل بن حنيف، و عثمان بن حنيف، و أبى أيوب الأنصارى، و لم ترهبهم تهديدات الانقلابيين و فى مقدمتهم عمر با الخطاب، و كانوا يتجاهرون لانتقاد السطات الحاكمه بكل جرأه على رغم الارهاب الذى شمل الكل، مما ألهب مشاعر الكثرين الذين انجرفوا مع التيار، و ندموا فيما بعد على ما ظهر منهم على استجابتهم لتلك البيعه الخاطفه المرتجله أعل بيت النبوه، أضف الى ذلك بعض العشائر المؤمنه المحيطه بالمدينه مثل أسد، و فزاره، و بنى حنيفه و غيرهم ممن شاهدوا و بيعه يوم الغدير «غديرخم» التى عقدها الرسول الأعظم لأمير المؤمنين على بن أبى طالب بامره المؤمن من بعده، و لم يطل بهم المقام حتى سمعوا بالتحاق الرسول الى الرفيق الأعلى، و البيعه لأبى بكر بن أبى قحافه و تربعه على منصه الخلاقه فاندهشوا لهذا الحادث و رفضوا البيعه لأبى بكر جمله و تفضيلا و امنتعوا عن أداء الزكاه ريثما ينجلى الموقف، و كانوا على اسلامهم يقيمون الصلاه و يؤدونن جميع الشعائر، و لكن السلطه الحاكمه رأت من مصلحتها أن تجعل حدا لمثل هؤلاء و ترميهم بالارتداد و الكفر وسعت الى محاربتهم بكل ما أوتيت من قوه بقياده خالد بن الوليد و من سار فى ركبهم.
و قد أدرك هذه الحقيقه جماعه من المستشرقين و الكتاب العرب و المحدثين، و ألمح اليها بعض المؤلفين القدامى فى هذا الموضوع و بهذه المناسبه، فقد قال المستشرق لانس فى كتابه.
ان الحزب القرشى الذى يرأسه أبوبكر و عمر بن الخطاب، و أبو عبيده بن الجراح، لم يكن وليد الساعه و لا مفاجأه أو ارتجالا و انما كان وليد مؤامره سريه مجرمه حيكت اصولها و رتبت أطرافها بكل احكام و اتقان، و ان أبطال هذه المؤامره أبوبكر، و عمر بن الخطاب، و أبو عبيده بن الجراح، و سالم مولى حذيفه، و عاشيه، و حفصه، و غيرهم. [ مات بعضهم قبل تنفيذها ].
و عند ذلك أحس أبوبكر و حزبه بالخطر المحيط بهم و بحكمهم من تصاعد المعارضه ان لم يباردروا فورا الى ايقاف هذا التيار، و ذلك باجبار رأس المعارضه على بن أبى طالب و من يدور فى فلكه على بيعه أبى بكر، فاجتمع الحزب الحاكم و أمر عمر بن الخطاب، خالد بن الوليد، و المغيره بن شعبه و من يتابعهم مثل قنفذ و غيرهم فقصدوا دار على و فاطمه و أبنائهما (عليهم السلام)، حاملين معهم رزمات الحطب، و قبس من النار كان بيد عمر، و ذلك لاحراق البيت على أهله ان لم يخرج على لبيعه أبى بكر.
و كان فى الدار على، و سلمان، و المقداد، و عمار، و أبوذر، و الزبير، و لما أحاط الامقلابيون بالدار صاح عمر بن الخطاب و قبس النار بيده: و الذى نفس عمر بيده لتخرجن من الدار الى البيعه أو لأحرقنها على من فيها، و بدا عليه الهيجان و التصميم على ذلك.
فقيل له: ان فى الدار فاطمه بنت رسول الله و ابناءها الحسن و الحسين، قال : و ان.
فخرج اليهم الزبير شاهرا سيفه ليمنعهم فعثر و وقع السيف من يده فوثبوا عليه و أخذوا السيف و ضربوا به الجدار.
ثم حاول المهاجمون أن يدخلوا الدار فوقفت السيده فاطمه الزهراء وراء الباب لتمنهم من تادخول فلم يراعوا حرمتها و مقامها من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فدفع عمر الباب بقوه و لاذت فاطمه وراء الباب رعايه لسترها لأنها كانت بدون حجاب، فعصرها عمر بين الحائط و الباب عصره شديده كسر
ضلعها و أسقط جنينها، و نبت المسار فى صدرها و وقعت على الأرض مغيشا عليها ، فجاءت خادمتها فضه فأسندتها الى صدرها و حملتها الى فراشها.
و هجم القوم على الدار و أخراجوا الامام من الدار قاصدين به المسجد ملبدا بحمائل سيفه حاسر الرأس و السيف مسلط على رأسه مهددين له بالقتل ان لم يبايع أبابكر، و هو صابر، و ينادى يا بن ام ان القوم استضعفونى و كادوا يقتلونى.
هذا ما نقلته بصوره موجزه مما قرأته فى كتب أعلام القوم و محدثيهم. و اليكم صوره اخرى رواها المؤرخين و المحدثون فى صحاحهم و كتبهم و مصادرهم الموثوقه أنقلها ملخصا روما للاختصار.
أيها القارى العزيز:
لقد وصلنا فى حديثنا هذا الى موضع حساس جدا تاريخيا و دينيا و عقائديا، و لا أعلم ما يكون صدى هذه الجمل التى سأذكرها، و هى من روايات و أقول فطاحل العلماء و المؤرخين من اخواننا أهل السنه و الجماعه الذين اثبتوها فى صحاحهم و مسانيدهم بمصادرهم و طرقهم الخاصه.
و لعلك لا ترضى بهذه الحقائق الثابته و لا تصديق أنها صدرت من الناس تسنموا الصداره فى الاسلام و من طليعه الصاحبه.
على كل حال لا يمنهى هذا بقدر ما يهمنى أن تطلع على الحقائق الدامغه التى نقلتها من كتبهم و مصادرهم و الثابه ثبوت الوتد فى الأرض أو واضحه وضوح الشمس فى رابعه النهار، أنقلها للحقيقه و التاريخ.
و اليك أولا: ما ذكره الاستاذ عبدالفتاح عبد المقصود فى كتابه «الامام على بن أبى طالب ص 225».
أنقلها ملخصا حيث قال:
و اجتمعت جموعهم- آونه فى الخفاء و الخرى على ملاء- يدعون الى على بن أبى طالب لأنهم روأه أولى الناس بان يلى امور الناس: ثم تألبوا حول داره
يهتفون باسمه و يدعونه أن يخرج اليهم ليردوا عليه تراثه المسلوب.
و كذلك سبقت الشائعات خطوات ابن الخطاب ذلك النهار، و هو يسير فى جمع من صبحه و معاونيه الى دار فاطمه و فى باله أن يحمل ابن عم رسول الله، ان طوعا و ان كرها، على البيعه و اقرار ما أباه حتى الآن سواء بالسيف أو بالنار و أقبل الرجل محنقا مندلع الثوره على دار على و قد ظاهره معاونوه و من جاء بهم فاقتحوها أو أشكوا على الاقتحام، فاذا وجه كوجه رسول الله يبدو بالباب، حائلا من حزن، على قسماته خطوط الآم، و غضبوا الأبصار من خزى أو استحياء و هى ترفع صوتها الرقيق الحزين النبرات، تهتف بمحمد الثاوى بقربها ، و تناديه باكيه مريره: «يا أبت يا رسول الله، يا أبت يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، و ابن أبى قحافه»، فكأنما زلزلت الأرض بندائها تحت هذا الجمع الباغى، من رهبه النداء...
هذا ما اقطفناه من كتاب الاستاذ عبد الفتاح الكابت المصرى المعاصر «الامام على بن أبى طالب».
فقد عرفنا من هذه النصوص أن العصابه جاءت لاخراج الامام على من بيته ليبايع أبابكر، و قد سمعنا التهديد بالحراق البيت و كل من فيه من آل رسول الله (صلى الله عليه و آله).
ما كانت السيده فاطمه الزهراء تنظر أن ترى فى حياتها يوما كذلك اليوم، و مأساه كتلك المأساه، و ان أبوها الرسول قد أخبرها بذلك اجمالا أو تفصيلا، و لكن السماع شى ء آخر، و تأثير المصيبه يختلف سماعا و رؤيه.
ان كانت السيده فاطمه قد سمعت من أبيها الرسول أن المور سوف تنقلب عليها، و ان الأحقاد سوف تظهر بعد وفاه الرسول (صلى الله عليه و آله) فانها قد شاهدت بام عينها تلك الأحداث فقد هجم القوم على عرينها ليخرجوا زوجها من ذلك البيت الذى ما كان الرسول يدخله الا بعد الاستئذان من
فاطمه.
لا تستطيع الزهراء أن تسكت وتقف موقف المتفرجه، و أيه عائله تسكت أو تهدأ اذا رأت عصابه تريد الهجوم على بيتها لاخراج رئيس العائله؟
فالخوف و الذعر و الاضطراب يبلغ أشده، و يسلب من العائله كل استقرار وهدوء، فالأطفال يصر خون باكين من هول الموقف، و الأصوات ترتفع فى تلك اللحظات الرهيبه.
كانت السيده فاطمه (قبل هجوم القوم) خلف الباب و قد عصبت رأسها بعصابه، و لم يكن عليها خمار.
فلما هجم القوم لأذت السيده فاطمه خلف الباب لتستر نفسها عن أوئلك الرجال، فعصروها عصره شديده و كانت هى حاملا فى الشهر السادس من حملها.
صرخت السيده صرخه من شده الألم، لأن جنينها قتل من صدمه الباب و لا تسأل عن مسمار الباب الذى نبت فى صدرها بسبب عصره الباب.
و فى تلك اللحظات العصيبه كان القوم قد دخلوا الدار و ألقوا القبض على الامام أميرالمؤمنين و هم يريدون اخراجه من الدار.
و قد حالت السيده فاطمه الزهراء بين القوم و بين اخراجه على الرغم ما ألم بها من الاجهاض و الآمه و الاعياء الشديد.
و قد أصدر الأمر لعبده (قنفذ) بردها، فضرب السيده فاطمه حبيبه رسول الله و عزيزته بالسوط على عضدها فاسود و صار مثل الدملج الى حين وفاتها، كل ذلك جرى على مرأى و مسمع من أطفالها و هم يتصلرخون، و أدى ذلك الى مرضها الشديد حتى وافتها المنيه. فانا لله و انا اليه راجعون.
و لكن القوم لم يعيروا اهتماما بما جرى على سيده النساء و ابنه سيد الأنبياء، بل أخذوا زوجها أميرالمؤمنين ملبدا بحمائل سيفه بعد أن نزعوا عنه سلاحه، و هنا يقف القلم عن الجرى، و يخرس اللسان عن البيان و شرح ما جرى
تلك اللحظات على آل الرسول، و قد قادوه الى المسجد و هو ينظر يمينا و شمالا، و ينادى: «و احمزتاه، و لا حمزه لى اليوم، و اجعفراه و لا جعفر لى اليوم»، و قد مروا به على قبر أخيه و ابن عمه رسول الله، و هو ينادى: «يا ابن ام ان القوم استضعفونى و كادوا يقتلوننى».
فقال عمر بايع. فقال على: «فان أنا لم أفعل فمه؟»، قال له اذن والله أضرب عنقك؟
قال على: «اذن والله تقلون عبدالله و أخا رسول الله».
فقال عمر: أما عبد الله نعيم، و أما أخو رسول الله فلا.
فقال: «أتجحدون أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) آخى بينى و بينه؟»، و جرى حوار شديد بين الامام و بين الزمره الحاكمه.
و عند ذلك وصلت السيده فاطمه الى المسجد و قد أخذت بيد ولديها الحسن و الحسين، و ما بقيت هاشميه الا و خرجت معها، يصحن و يولولن و صاحت: «خلوا عن ابن عمى!! خلوا عن بعلى!! والله رأسى و لأتضعن قميص أبى رأسى و لأدعون عليكم، فما ناقه صالح بأكرم على الله منى، و لا فصيلها بأكرم على الله من ولدى»
[ الاحتجاج للطبرسى- تاريخ اليعقوبى.]
و فى روايه العياشى: قالت: «يا أبابكر أتريد أن ترملنى من زوجى و تيم أولادى؟ والله لئن لم تكف عنه لأمشرن شعرى، و لأشقن جيبى، و لآتين قبر أبى، و لا صيحن الى ربى» فأخذت بيد الحسن و الحسين تريد قبر أبيها عند ذلك صاح الناس من هنا و هناك بأبى بكر ما تريد الى هذا؟ أتريد أن تنزل العذاب على هذه الامه؟
فما رجعت السيده فاطمه الى البيت الا و أخذت زوجها معها و أنقذته من تلك الزمره، و خلصته من أخذ البيعه منه بالقهر و القوه.
نعود الى ما ذكره ابن قتيبه فى «الامامه و السياسه» ص 11:
و ذكروا ان عليا اتى به الى أبى بكر و هو يقول: «أنا عبدالله و أخو رسوله » . فقيل له: بايع أبابكر، فقال:
«أنا أحقبهذا الأمر منكم. لا ابايع، و أنتم أولى بالبيعه لى، أخذتم هذا الامر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابه من النبى (صلى الله عليه و آله) و تأخذونه من أهل البيت غصبا؟؟ ألستم زمعتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر لمكان محمد (صلى الله عليه و آله) منكم؟؟ فأعطوكم المقاده، و سلموا اليكم الاماره؟ و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، نحن أولى برسول الله (صلى الله عليه و آله) حيا و ميتا فأنصفونا من أنفسكم ان كنتم تخافون المعاد».
فقال له عمر: أنت لست متروكا حتى تبايع.
فقال له على: «أحلب حلبا لك شطره!! أشدد له اليوم ليرده عليك غدا، والله يا عمر لا أقبل قولك و لا ابايعه».
فقال له أبوبكر: فان لم تبايعنى فلا اكرهك.
فقال على: «يا معشر المهاجرين الله! الله! لا تخرجوا سلطان محمد (صلى الله عليه و آله) من داره، و قعر بيته الى دوركم و تدفعوا أهله عن مقامه فى الناس و حقه».
هذا ما رواه ابن قتيبه فى كتابه «الامامه و السياسه».
و أما ما ذكره العياشى فى تفسيره ج 2 ص 67 فقد سبق أن ذكرته.
قال ابن أبى الحديد ج 14 ص 192: ان زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) تجهزت للحقوق بأبيها، و خرجت من مكه على بعير لها و هى فى الهودج، فخرج فى طلبها هبار بن الأسود فروعها بالمرح- و هى فى الهودج- و كانت حاملا، فلما رجعت طرحت ما فى بطنها، فلذلك أباح رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكه دم هبار بن الأسود.