فتره النهوض - موسوعة المصطفی والعترة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة المصطفی والعترة - نسخه متنی

حسین الشاکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فتره النهوض


ذكر العلماء و المتخصصون أن البيئه و الاحداث التى تمر فى المجمتع و الافكار التى يحملها الأبوان، و مشاعرم و عواطفهم و انفعالاتهم، تؤثر تأثيرا بليغا فى حياه الطفل منذ ولادته.

و قد عاش المجتمع الاسلامى أحداثا خطيره و أوضاعا متأزمه فى صدر الاسلام، و الزهراء (عليهاالسلام) فى دور الرضاعه.

و لكى نجعل القارى الكريم فى الصوره تماما، لا بد من استعراض سريع لهذه الفتره التى نمت فيها بعضه الرسول (صلى الله عليه و آله):

بعث النبى (صلى الله عليه و آله) و عمره 40 سنه، فانطلق لوحده بالدعوه المباركه ليقف بوجه الكفر العاملى و عباده الاصنام و الشرك، و يغالب المشاكل و المصاعب الخطيره، فبلغ بالدعوه سرا حفاظا على الدعوه الوليده من الاعداء، حتى جاء أمر الله باعلان الدعوه و اقتحام صفوف الباطل (فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين)

[ سوره الحجر: 94.]

فأعلن الرسول (صلى الله عليه و آله) دعوته، و أول عمل قام به (صلى الله عليه و آله) هو دعوه أهله و عشيرته الى الاسلام و نبذ الشرك و عباده الأوثان، تنفيذا لقوله تعالى (و أنذر عشيرتك الأقربين) فجمعهم (صلى الله عليه و آله) و هم زهاء أربعين رجلا و أولم لهم وليمه المره تلو المره و أبلغهم رساله السماء التى و المحدثين فى صحاحهم و مسانيدهم و تواريخهم و تكاد تكون متواتره.

و قد سبق أن ذكرنا مفصلا فى كتابنا «على فى الكتاب و السنه ج 1» فى تفسير الآيه 124 من سوره الشعراء ص 204 و كذلك فى موسوعه «المصطفى

و العتره» الجزء الأول محمد المصطفى.

و دعا الناس الى الاسلام، و أخذ عدد المسلمين يزداد يوما بعد يوم، وعدا أعداء الاسلام من أسلم و اتبع النبى (صلى الله عليه و آله) من أصحابه، فوثبت كل قبيله على من فيها من مستضعفى المسلمين، فجعلوا يحبسونهم و يعذبونهم بالضرب و الجوع و تركهم و رمضاء مكه و كيهم بالنار، ليفتنوهم عن دينهم، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما يصيب أصحابه من البلاء قال:

«لو خرجتم الى أرض الحبشه حتى يجعل الله لكم فرجا و مخرجا مما أنتم فيه».

فخرج المسلمون و تركوا أرضهم و أموالهم، مخافه الفتنه، و فرارا الى الله بدينهم

[ سيره ابن هشام ج 1 ص 344. الكامل فى التاريخ ج 2 ص 51.]

فلما رأت قريش أن أصحاب الرسول (صلى الله عليه و آله) قاوموهم و تحملوا أذاه، و أن الاسلام أخذ يفشو و ينتشر فى القبائل، و عجزوا عن صده، ائتمروا بينهم على قتل الرسول (صلى الله عليه و آله).

فلما أحس أبوطالب بذلك انحاز الى شعبه، و اجتمع اليه بنو هاشم و بنو المطلب ليحموا الرسول (صلى الله عليه و آله) و كان حمزه عم النبى (صلى الله عليه و آله) يسل سيفه و يحرسه حتى الصباح.

فحاصرتهم قريش حصارا اقتصاديا شديدا، و كتبوا بينهم كتابا يتعاقدون فيه على ان لا يبيعوهم و لا يبتاعوا منهم شيئا، فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا، لا يصل الى أحدهم شى ء الا سرا، و الجوع يشتد بهم و يتعالى صراخ الأطفال الجياع أحينا.

فى جو خطير موحش من هذا القبيل قضت الزهراء (عليهاالسلام)

شطرا من أيام الرضاعه فى شعب أبى طالب، ثم فطمت من اللبن هناك، و درجت تمشى على رمضاء الشعب، و تعلمت النطق و هى تسمع أنين الجياع و صراخ الأطفال المحرومين، و بدأت تأكل فى زمن الحرمان و الفاقه، و اذا ما استيقطت فى هدأه الليل وجدت الحرس يدورون- بحذر و ترقب- حول أبيها يخافون عليه من غدر الاعداء، و السيوف المسلوله نومض أمام عينيها فى حلكه الليل.

ثلاث سنين تقريبا و الزهراء (عليهاالسلام) فى هذا السجن لا يربطها بالعالم الخارجى أى شى ء، و حينما أدركت سن الخامسه عادت الى البيت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بنى هاشم، بعد أن تركوا الشعب و نجوا من المخمصه، و كانت الحياه الجديده بما فيها من النعم و الرزق و راحه البيت عالما جديدا على الزهرا (عليهاالسلام) يبعث على الفرحه و السرور.

وفاه الام


و مما يذيب القلب حسره أن خديجه (عليهاالسلام) توفيت قبل مضى عام واحد على خروج النبى (صلى الله عليه و آله) و صحبه من شعب أبى طالب

[ مناقب ابن شهرآشوب ج 1 ص 174.] ، و الزهراء بعد لم تذق طعم الحياه، و تتنفس الصعداء و تتلمس الراحه، حين فجعت بوفاه أمها الرؤم، فأخذ هذا الحادث المفاجى منها مأخذا عظيما، و صدع روحها الشفيفه و مشاعرها الحساسه و صدمها صدمه ذوت لها زهور الأمل، و انهمرت دموعها الساخنه على فقد امها الحبيبه، و هى تحبث عنها فى كل مكان. فان يتم الام أعظم عاطفيا من يتم الأب لدى الطفل.

و جعلت تلوذ برسول الله (صلى الله عليه و آله) و تدور حوله و تقول: «أبه أين امى؟!» فنزل جبرئيل فقال له: «ربك يأمرك أن تقرأ فاطمه السلام و تقول لها: ان امك فى بيت من قصب، لا تعب فيه و لا نصب»

[ ينابيع الموده ص 313. البحار ج 16 ص 1.]

النتيجه


سنين الطفوله معين يزود العمر بما يختزن من صدى الأحداث التى عاشها الطفل، و تترك بصمات واضحه على حياته، و نؤثر على سلوكه و نشاطه و شخصيته و عواطفه،و قد عاشت الزهراء (عليهاالسلام) الوقائع و الحوادث المره فى طفولتها، و تركت آثارا على روحها الشفيفه، و يمكن أن نذكر أهم تلك الآثار:

1- ان من يعيش مثل هذه الظروف القاسيه و الايام الصعبه، و تتخدش عواطفه منذ الطفوله بصدمات كبيره، ينشأ حزينا كئيبا دائم الهم. و قد ذكروا فى أحوال فاطمه (عليهاالسلام) أنها كانت حزينه مغمومه دائما.

2- ان الزهراء (عليهاالسلام) التى كبرت فى مثل هذا الجو المتشنج، و قضت أيام الرضاعه و الطفوله المبكره فى السجن، و فتحت عينها على الحياه من خلال جدران المعتقل، و رأت بعينى الطفوله البريئه كيف يعذب أبوها و أصحابه روحيا و جسديا و هم يضحون و يؤثرون بكل شى ء، و يقاومون الضغوط و الصعوبات، من أجل الأهداف المقدسه.

ان مثل هذه تنشأ قويه صلبه لا تهزها الهزاهز، و لا تفر من الميدان لأول مشكله، و انما تقاوم بصلابه، و تتحمل السجن و التعذيب من أجل الوصول الى الاهداف النبيله.

3- ان فاطمه (عليهاالسلام) التى عاشت الفداء و التضحيه و الغزوف عن الدنيا، و تحمل الحرمان و المشاق، من أجل نشر دين الله، و نشر كلمه التوحيد، و رفع رايه العداله، و ارضى بكل شى ء من أجل نجاه البشريه و هدايه الانسانيه، بأبويها و صحبهم كانت تتوقع من الخلف الذين خلفوا أباها السير على هداه، و الجهاد فى سبيل تحقيق أهدافه المقدسه، و الاستقامه على صراطه

المستقيم

[ انظر: فاطمه الزهراء المرأه النموذيجه فى السلام/ ابراهيم أمينى/ ترجمه على جمال الحسينى.]

بعد رحيل الام


توفى أبوطالب و خديجه فى السنه العاشره من المبعث الشريف

[ مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 174.] ، فحزن النبى (صلى الله عليه و آله) لذلك حزنا شديدا، و سمى ذلك العام ب- (عام الأحزان)

[ مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 174.] ، لأنه فقد ناصريه و حامييه فى مكه، شريكه حياته و وزيرت و ام أولاده (خديجه)، و سنده و مانعه (أباطالب).

فتغيرت حياته (صلى الله عليه و آله) فى داخل البيت و خارجه، و اشتدت عليه قريش و وصلوا من أذاه بعد وفاه أبى طالب الى ما لم يكونوا يصلون اليه فى حياته، حتى نثر بعضهم التراب على رأسه، و حتى أن بعضهم طرح عليه رحم الشاه و هو يصلى.

فيعود الى البيت محزونا مكروبا، فيرى وجه ابنته الشاحب الذابل، و عينيها الدامعتين على فراق امها، و ما تراه يجرى على أبيها من الأذى خارج البيت ففى مره رأت قريشا اجتمعوا فى الحجر فتعاقدوا: لو رأينا محمدا لقمنا اليه مقام رجل واحد و لنقتلنه. فدخلت (عليهاالسلام) على النبى (صلى الله عليه و آله) باكيه و حكت مقالهم

[ مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 174.]

و فى ذات يوم نثر أحد المشركين التراب على رأس رسول الله (صلى الله عليه و آله )، فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيته و التراب على رأسه قامت اليه احدى بناته «فاطمه (عليهاالسلام)» تغسل عنه التراب و هى تبكى، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «يا بنيه، لا تبكى فان الله مانع

أباك»

[ تاريخ الطبرى ج 2 ص 80.]

و عن ابن عباس، ان النبى دخل الكعبه و افتتح الصلاه، فقال أبوجهل: من يقوم الى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزعبرى و تناول فرثا و دما و ألقى ذلك عليه. فجاءت فاطمه (عليهاالسلام) فماطته و هم يضحكون، فلما سلم النبى (صلى الله عليه و آله) دعا عليهم

[ مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 60.]

نعم، كانت فاطمه (عليهاالسلام) تعيش هذه الحوادث المؤلمه منذ صغرها، و تهب لنصره أبيها و تخدمه حتى سماها بام أبيها فلما توفيت خديجه (عليهاالسلام) و قعت المسؤوليه فى البيت على عاتقها. و لم يوضح لنا التاريخ تلك الفتره المشجيه العسيره التى مرت على بيت النبى (صلى الله عليه و آله) و ليس فيه سوى الزهراء (عليهاالسلام)، و لكن عين البصيره تنفذ لترى أحوال ساكنيه التى تبعث على الرقه و الأسى.

و انقضت هذه الفتره ثم تزوج الرسول (صلى الله عليه و آله) بسوده و اختار نساء اخريات أيضا كن يظهرن الحب لفاطمه (عليهاالسلام) بشكل أو بآخر، و لكن من الصعب على اليتيم أن يفقد امه و يرى غيرها فى محلها، و زوجه الأب مهما رؤمت و كانت حنونا لا تغنى عن صفاء الحب و الحنان عند الام، و الام لوحدها تستطيع أن تبعث بحنانها الطمأنينه و القوه فى قلب صغيرها.

و كما ازداد شعور الزهراء (عليهاالسلام) بالحرمان ن الام ازداد حب النبى (صلى الله عليه و آله) لها و أشعرها بذلك الحب، لأنه (صلى الله عليه و آله) يعرف ما تعانيه فاطمه (عليهاالسلام) من فقد امها و شعورها باليتم.

لهذا و لغيره كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا ينام حتى يقبل عرض و جنه فاطمه (عليهاالسلام)

[ كشف الغمه ج 2 ص 93.]

هذه هى خلصه ثمانى سنين من عمر ابنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاطمه الزهراء (عليهاالسلام)

[ انظر: فاطمه الزهراء المرأه النموذجيه فى السلام/ ابراهيم أمينى/ ترجمه على جمال الحسينى.]

أمر جدير بالذكر


من الجدير بالذكر ان هذ المصائب و المشاق لو صبت على أى طفل لفتكت به، و حمطمت أعصابه، و جرته الى ضعف جسدى و روحى مدمر، و لكن لا ينبغى تعميم هذا الحكم، لأن الذهب انما تجلوه النار، و الطرق يثبت المسمار، و العظماء تشدهم المصائب و تقوى عزمهم المصاعب و تبرز ملكاتهم الدفينه، و الزهراء (عليهاالسلام) من تكلم العناصر الطاهره و الارومات الطيبه النقيه لم تهزمها الحوادث و لم تزعزعها المصائب و انا صقلت شخصيتها، و جلت روحها، و أعدتها للمواجهه.

هجرتها الى يثرب


هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) سنه ثلاث عشره للبعثه من مكه الى يثرب «المدينه» حفاظا على نفسه و ابقاء على دعوته، و أوصى على بن أبى طالب ( عليه السلام) أن يبيت على فراشه ليله الهجره ليوهم المشركين و يشغلهم، و أوصاه (صلى الله عليه و آله) بعده وصايا، منها:

انه اذا وصل مأمنه يرسل اليه من يدعوه بالتوجه اليه مع عائلته من الفواطم و غيرهن، و يرد جميع الأمانات التى كانت مودعه عنده الى أهلها، و يسدد الديون التى كانت عليه.

و لما وصل (صلى الله عليه و آله) منطقه (قبا)- و هى على أميال من يثرب- و استقر فيها بعث مع أبى واقد الليثى كتابا يأمره بالقدوم عليه مع الفواطم، ورد الأمانات الى أهلها، فقام أميرالمؤمنين (عليه السلام) من ساعته و اشترى الرواحل اللازمه و أعد متطلبات السفر و الاستعداد للهجره من مكه، و أمر من كان معه من ضعفاء المؤمنين أن يتسللوا و يتخفوا، اذا ملأ الليل بطن كل واد الى ذى طوى.

قال ابن شهر آشوب: و استخلفه الرسول (صلى الله عليه و آله) لرد الودائع،....فلما أداها قام (على عليه السلام) على الكعبه فنادى بصوت رفيع: يا أيها الناس هل من صاحب أمانه؟ هل من صاحب وصيه؟ هل من عده له قبل رسول الله؟ فلما لم يأت أحد لحق بالنبى (صلى الله عليه و آله).

خرج على (عليه السلام) بالفواطم فى وضح النهار- و هن: فاطمه الزهراء (عليهاالسلام)، و فاطمه بنت أسد الهاشميه امه (عليهاالسلام)، و فاطمه بنت الزبير بن عبدالمطلب، و فاطمه بنت حمزه بن عبدالمطلب-، و تبعتهم حاضنه النبى (صلى الله عليه و آله) و خادمه بركه «ام أيمن» و أبنها أيمن مولى رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و عاد مع الركب مبعوثه (صلى الله عليه و آله) أبو واقد الليثى، فجعل يسوق الرواحل فأعنف بهم، فقال له الامام على (عليه السلام): «ارفق بالنسوه يا أباواقد، انهن ضعاف».

قال: انى أخاف أن يدركنا الطلب.

فقال على (عليه السلام): «اربع عليك، فان رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لى: يا على لن يصلوا من الآن اليك بأمر تكرهه».

ثم جعل على (عليه السلام) يسوق بهن سوقا رقيقا و هو يرتجز و يقول:


ليس الا الله فارفع ضنكا
يكفيك رب الناس ما أهمكا


و سار، فلما شارف ضجنان أدركه الطلب، سبع فوارس من شجعان قريش متلثمين، و ثامنهم مولى الحارث بن اميه، يدعى جناحا، و كان شجاعا مقداما.

فأقبل الامام على (عليه السلام) على أيمن و أبى واقد و قد تراءى القوم فقال لهما: «أنيخا الأبل و أعقلاها»، و تقدم حتى أنزل النسوه، و دنا القوم فاستقبلهم على (عليه السلام) منتضيا سيفه، فأقبلوا عليه فقالوا: ضننت أنك يا غدار ناج بالنسوه، ارجع لا أبا لك.

قال: «فان لم أفعل؟».

قالوا: لترجعن راغما، أو لنرجعن بأكثرك شعرا- أى رأسك-.

و دنا الفوارس من النسوه و المطايا ليثوروها، فحال على (عليه السلام) بينهم و بينها، فأهوى له جناح بسيفه فراغ على (عليه السلام) عن ضربته، و تختله على (عليه السلام) فضربه على عاتقه، فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبه فرسه، فشد عليهم بسيفه و هو يقول:


خلوا سبيل الجاهد
آليت لا أعبد غير الواحد


فتصدع القوم عنه، فقالوا له: اغن

[ فى روايه احبس عنا نفسك- اى كف عنا.] عنا نفسك يا بن أبى طالب.

قال: فانى منطلق الى ابن عمى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيثرب، فمن سره أن أفرى لحمه، و اهريق دمه فليتبعنى (فرجعوا عنه مخذولين منكسرين).

ثم أقبلعلى صاحبيه أيمن و أبى واقد فقال لهما: «أطلقا مطاياكما»، ثم سار بالركب ظافرا قاهرا حتى نزل (ضجنان)، فتلوم بها- أى لبث فيها- قدر يومه و ليلته، و لحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين، و كانوا يصلون ليلتهم و يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم، فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر، فصلى الامام على (عليه السلام) بهم صلاه الفجر، ثم سار لوجهه، حتى قدموا (قبا)، القريبه من المدينه و التحقوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) و كان بانتظارهم

[ مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 175 الى 183.] روحى فداه.

و قد نزل الوحى على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما كان فى شأنهم قبل وصولهم، بآيات من القرآن المجيد قال سبحانه و تعالى:

الذين يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم و يتفكرون فى خلق السماوات و الأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا- الى قوله سبحانه- فاستجاب لهم ربهم انى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أوانثى

[ سوره آل عمران 191- 195.]

و قد مكث النبى (صلى الله عليه و آله) خمسه عشر يوما بقبا فى انتظار قدوم الوفد، و فى تلك الفتره أسس مسجد (قبا) المعروف لحد اليوم، و قد نزلت فيه آيات بينات فى محكم التنزيل، قال تعالى: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه) الى آخر الآيات.

كما أن النبى (صلى الله عليه و آله) حث على الصلاه فيه و احيائه و ذكر

/ 35