يقال لها: صندوداء (1)- و صندوداء اليوم منالأمصار- قام بها خالد يومه حتى استراحالمسلمون، ثم رحل من صندوداء (1) فأغار فيطريقه على قوم من بني ثعلب (2) فقتلهم و أخذأموالهم، ثمّ سار حتى أشرف على قوم منالنمر، و ذلك في جوف الليل فإذا هم قعودعلى شراب لهم قدموه في جفنة لهم عظيمة ورجل منهم يقال له: حرقوص النمري (3) قد رفعصوته و هو يقول أبياتا من جملتها:
ألا عللاني قبل جيش أبي بكر
لعل مناياناقريب و ما ندري
لعل مناياناقريب و ما ندري
لعل مناياناقريب و ما ندري
(4) قال: فلم يشعر القوم إلا و الخيلكبستهم، و شدّ رجل من المسلمين على صاحبهذا الشعر فضربه بسيفه ضربة فإذا رأسه فيالجفنة قد اختلط دمه مع الشراب الذي كانفيها، قال: و غنم المسلمون و خالد أموالهمو قليلهم و كثيرهم.
ثم سار خالد من هنالك على قرى السماوة حتىصار إلى موضع يقال له قراقر (5) على طريقمفازة الشام.
قال: و نزل المسلمون هنالك و لم يعرف خالدالطريق، فأقبل إليه رافع بن عميرة الطائيو هو ابن مكلم الذئب بإذن الله و قال: ياهذا! ما لي و لك؟ عمدت إلى رزق رزقني ربيانتزعته مني! قال: فصاح عميرة و قال: ياعباد الله! هلموا فاسمعوا ذئب يتكلم! فقالالذئب: يا هذا! إن أعجب مني و من كلامي نبيمرسل يدعوكم إلى عبادة الرحمن و تأبون إلاعبادة الأوثان، قال: ثم ترك الذئب و مضى،فأقبل عميرة إلى رسول الله صلّى الله عليهوسلّم فحدّثه بما سمع من الذئب و أسلم وحسن إسلامه.
(1) بالأصل: «صندود» و في الكامل لابنالأثير: «حدوداء» و ما أثبتناه يوافقالطبري و معجم البلدان:
و بها قوم من كندة و إياد العجم فظفر بهم وخلف بها سعد بن عمرو بن حرام الأنصاري. و فيفتوح الأزدي: مندوا- (جنوبي الأنبار) و هيالتي خلف بها سعد.
و انظر فتوح البلدان للبلاذري ص 118.
(2) و كذا، و في الكامل 2/ 67 بني تغلب و كانوابالمصيخ. قال الطبري 3/ 407: و عليهم ربيعة بنبجير التغلبي.
(3) هو حرقوص بن النعمان البهراني (الطبري).
(4) البيت في فتوح البلدان ص 118 و الكامل 2/ 68و الطبري 3/ 416 و فيهما أبيات أخرى، و معجمالبلدان.
(5) قراقر: أصله من الدهناء، و قيل ماءلكلب، و قراقر واد لكلب بالسماوة من ناحيةالعراق، نزله خالد عند قصده الشام (معجمالبلدان).