أبي وقاص: أيها المسلمون! انزلوا الآنههنا حتى نعقد جسرا و نعبر، فقال له بعضالمسلمين: أيها الأمير! إن الذي حملنا فيالبر هو قادر على أن يحملنا في البحر، فقالسعد: صدقت أيها الرجل و لكن الماء في منتهىالزيادة على ما ترى، فقال له الرجل: أناأقتحم أيها الأمير هذه الدجلة بفرسي واثقابربي، قال: ثم صاح ذلك الرجل بفرسه و اقتحمالماء (1).
ذكر عبور المسلمين الدجلة
قال: ثم اقتحم في أثره الهلقام بن الحارثالعتكي، قال: ثم اقتحم في أثره عمرو بنمعدي كرب، قال: فلما نظر أهل العسكربأجمعهم إلى هؤلاء قد اقتحموا الدجلةاقتحموا الدجلة بأجمعهم و رفعوا أصواتهمبالتكبير و جعلوا يقولون: اللهم لا جسر إلاجسرك! و جعلوا يشقون الماء شقا فما ذهبلأحد منهم شي ء حتى عبروا بأجمعهم، و عبرسعد بن أبي وقاص معهم.
قال: و كان يزدجرد ملك الفرس ينظر إليهم منمنظرة له، فلما رآهم يشقون الماء شقا جعليقول لوزير من وزرائه: ما هؤلاء من الإنس ولا من الجن و ما هم عندي إلا مردة الشياطين!قال: ثم بادر و نزل من منظرته و قد كان قدمأمواله و حرمه و قليله و كثيره إلى جلولاء(2) فاستوى على فرسه و خرج الناس معه و مرواعلى وجوههم هاربين حتى صاروا إلى الدسكرةإلى جلولاء فنزلوها، و اشتغل المسلمونعنهم بعبور الدجلة.
قال: ثم إن المسلمين عقدوا جسرا ما بينساباط المدائن إلى سبادين (3) و عبروا[فأخذوا] ما كانوا خلفوه في ساباط المدائنمن الخيل و البغال و الحمير و الأمتعة. وكتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب رضيالله عنهما يخبره
(1) في فتوح الشام للواقدي ص 200: أول من نزلفي الماء عاصم بن ولاد، و في الكامل لابنالأثير 2/ 139 عاصم بن عمرو: (البداية والنهاية 7/ 75 و في فتوح البلدان ص 263 انتدبرجل من المسلمين فسبح فرسه و عبر فسبحالمسلمون. و في تاريخ خليفة ص 134 أن أول منأقحم فرسه في دجلة سعد، و قيل: إن أول منعبر هلال بن علفة. و يقال: أول من عبر رجل منعبد القيس).
(2) جلولاء طسوج من طساسيج السواد في طريقخراسان بينها و بين خانقين سبعة فراسخ،قيل سميت جلولاء لما جللها من قتلى فارس(معجم البلدان).
(3) كذا بالأصل، و لم نجده.