ذكر مسير عكرمة بن أبي جهل إلى الأشعث بنقيس
قال: فسار عكرمة حتى صار إلى نجران و بهايومئذ جرير بن عبد الله البجلي في بني عمهمن بجيلة، فدعاه عكرمة إلى حرب الأشعث بنقيس و أصحابه، فأبى عليه جرير و لم يجبهإلى ذلك، ثم سار إلى مأرب (1) فنزلها، و بلغذلك أهل دبا (2) فغضبوا عن مسير عكرمة بن أبيجهل إلى محاربة كندة، و جعل بعضهم يقوللبعض: تعالوا حتى نشغل عكرمة و أصحابه عنمحاربة بني عمنا من كندة و غيرهم من قبائلاليمن، فعزموا على ذلك، ثم إنهم وثبوا علىعامل لهم من قبل أبي بكر رضي الله عنهفطردوه عن بلدهم، فخرج عاملهم هاربا منبين أظهرهم حتى صار إلى عكرمة بن أبي جهلفلجأ إليه.
ذكر كتاب عامل أهل دبا إلى أبي بكر رضيالله عنه و هو حذيفة بن محصن (3)
قال: فكتب حذيفة بن محصن (3) هذا إلى أبي بكررضي الله عنه يخبره بأمر أهل دبا وارتدادهم عن دين الإسلام و طردهم إياه (4)ثم خبره في كتابه أنه أتى إلى عكرمة بن أبيجهل فصار معه، فاغتاظ غيظا شديدا، ثم إنهكتب إلى عكرمة:
«أما بعد فإني كنت كتبت إليك و أمرتكبالمسير إلى حضرموت فإذا قرأت كتابي هذافسر إلى أهل دبا على بركة الله عزّ و جلّ وفأنزل بهم ما هم له أهل، و لا تقصرن فيماكتبت به إليك، فإذا فرغت من أمرهم فابعثبهم إليّ أسراء، و سر إلى زياد بن لبيدفعسى الله عزّ و جلّ أن يفتح على يديك بلادحضرموت إن شاء الله تعالى و لا حول و لا قوةإلا باللّه العلي العظيم».
قال: فلمّا ورد كتاب أبي بكر على عكرمةنادى في أصحابه و أمرهم بالمسير إلى
(1) مأرب: بلاد الأزد باليمن، و قيل قصر لهم.و هي بين حضرموت و صنعاء.
(2) دبا: سوق من أسواق العرب بعمان.
(3) من الطبري 3/ 314 و تاريخ اليعقوبي 2/ 138 وفي تاريخ خليفة ص 123 حذيفة العلقاني، و عندالطبري: حذيفة بن محصن الغلقاني. و في معجمالبلدان: حذيفة بن محصن البارقي ثم الأزدي.
(4) في معجم البلدان: لما مات رسول الله (ص)ارتدوا فدعاهم (حذيفة) إلى النزوع فأبوا وأسمعوه شتما لرسول الله (ص) و أبي بكر. (وانظر الطبري 3/ 314).