إلى يومنا هذا- و الله أعلم.
ذكر إسلام كعب الأحبار (1)
قال: ثم دخل عمر رضي الله عنه إلى بيتالمقدس و نزل في كنيستها العظمى. قال: وأقبل إليه كعب الأحبار يريد الإسلام فعرضعليه عمر الإسلام و قرأ عليه يا أَيُّهَاالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوابِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْمن قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاًفَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْنَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَالسَّبْتِ وَ كانَ أَمْرُ اللهمَفْعُولًا 4: 47 (2)، فلمّا سمع كعب ذلك أسلممن ساعته. ثم قال: يا أمير المؤمنين! مكتوبفي التوراة «إن هذه البلاد التي كانت بنوإسرائيل أهلها يفتحها الله عزّ و جلّ علىيد رجل من الصالحين، رحيم بالمؤمنين، شديدعلى الكافرين، سره مثل علانيته [و علانيتهمثل سره ]، قوله لا يخالف فعله (3)، القريبو البعيد عنده في الحق سواء، أتباعه قوم منأهل التوحيد رهبان الليل فرسان (4) النهار،متراحمون متواصلون متباذلون، يغسلونفروجهم و يتزرون على أوساطهم، أناجيلهم فيصدورهم و صدقاتهم في بطونهم، ألسنتهم رطبةبالتكبير و التقديس و التهليل، و همالحامدون الذين يحمدون الله عزّ و جلّ علىكل حال، و في سهول الأرض و الجبال، أول أمةتدخل الجنة يوم القيامة». قال فقال عمر:ويحك يا كعب! أحق ما تقول؟
فقال كعب: إي و الذي يسمع ما أقول. قال: فخرعمر رضي الله عنه ساجدا ثم رفع رأسه فقال:الحمد للّه الذي أعزنا و أكرمنا و رحمنا وشرفنا بنبينا محمد صلّى الله عليه وآله،ثم أقبل عمر على الناس فقال: يا أهلالإسلام! أبشروا فإن الله عزّ و جلّ قدصدقكم الوعد و نصركم على الأعداء و أورثكمالبلاد، فلا يكونن جزاؤه إلا الشكر، وإياكم و المعاصي و العمل بها، فإن العملبالمعاصي يدل على كفر النعمة، و ليس من قومكفروا النعمة ثم لم ينزعوا إلى التوبةإلّا سلبهم الله عزهم و سلط عليهم عدوّهم.
قال: فأقام عمر بن الخطاب رضي الله عنهبمدينة بيت المقدس أياما، و أقبل
(1) قارن مع فتوح الشام للواقدي 1/ 242 و فتوحالأزدي ص 259 باختلاف النصوص و زيادة.
(2) النساء: 47.
(3) الأزدي: قلبه.
(4) الأزدي: أسد.