ثم أقبل على عمر بن الخطاب رضي الله عنهفقال: يا أبا حفص! ما ترى إلى خالد بنالوليد و حرصه على الزواج و قلة اكتراثهبمن قتل من المسلمين؟ فقال عمر:
أما و الله لا يزال يأتينا من قبل خالد فيكل حين ما تضيق به الصدور (1).
قال: ثم كتب إليه أبو بكر (2): أما بعد يا ابنالوليد فإنك فارغ القلب حسن (3) العزاء عنالمسلمين، إذ قد اعتكفت على النساء، وبفناء بيتك ألف و مائتا رجل من المسلمينمنهم سبعمائة رجل من حملة القرآن. إن لميخدعك مجاعة بن مرارة عن رأيك أن صالحك صلحمكر، و قد أمكن الله منهم، أما و الله ياخالد ما هي منكر ينكر؟ و إنها لشبيهة بفعلكالأول بمالك بن نويرة، فسوأة لك و لأفعالك!هذه القبيحة التي شانتك (4) في بني مخزوم- والسلام.
قال: فلمّا وصل كتاب أبي بكر رضي الله عنهإلى خالد بن الوليد و قرأه تبسّم ضاحكا ثمقال: يرحم الله أبا بكر! و الله ما أعرف فيهذا الكتاب من كلامه شيئا! و لا هذا إلا منكلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه (5)، و قدكان الذي كان، و ليس إلى ردة خالد فيتزويجه ابنة مجاعة، و أنشأ منهم رجل (6):
ذكر ارتداد أهل البحرين و محاربةالمسلمين إياهم
قال: فلمّا فرغ خالد بن الوليد من أمراليمامة و بني حنيفة و قتل مسيلمة أقامبأرض اليمامة ينتظر أمر أبي بكر. قال: و عزمأبو بكر رضي الله عنه على أن يوجّه بجيش منالمسلمين إلى محاربة أهل البحرين.
قال: و كان من سبب أهل البحرين و ارتدادهمعن دين الإسلام أن نفرا من بكر بن وائلكانوا يعادون قبائل عبد القيس، و عبدالقيس يومئذ بالبحرين متمسكون بدينالإسلام، لم يرتدوا مع من ارتدّ (7)، قال: وجعل هؤلاء الذين ارتدوا من
(1) يعرض بفعلته هذه، و بقتله مالك بننويرة.
(2) مجموعة الوثائق السياسية ص 352، الطبريباختصار 3/ 300.
(3) في مجموعة الوثائق: خشن.
(4) مجموعة الوثائق: ساقك.
(5) في الطبري: هذا عمل الأعيسر- يعني عمر بنالخطاب.
(6) كذا بالأصل.
(7) و كان الذي ثنى عبد القيس عن الردةالجارود بن عمرو بن حنش بن معلى. (انظرالطبري 3/ 302).