و بلغ ذلك أبا عبيدة بن الجراح و من معه منالمسلمين فنزل بهم أمر عظيم.
و كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب رضيالله عنهما كتابا و فيج إليه فيوجا و فيهكتابه إليه: أما بعد فإني أخبر أميرالمؤمنين أن الروم قد نفرت إلينا برا وبحرا و سهلا و جبلا و لم يخلفوا وراءهمرجلا يطيق حمل السلاح إلا جاشوا به علينا وقد أخرجوا معهم الأساقفة و القسيسين، و قدنزل إليهم الرهبان من الصوامع، و معهم أهلأرمينية و أهل الجزيرة و جميع من هو علىدينهم من المستعربة. و قد زحفوا إلينا ونزلوا بموضع يقال له اليرموك في أربعمائةألف فارس و راجل، فاللّه الله يا أميرالمؤمنين! عجل علينا بالخيل و الرجال و إلافاحتسب أنفس المؤمنين فقد جاءهم ما لا قبللهم به إلا أن يمدهم الله عزّ و جلّبملائكته أو يأتيهم الغياث من عنده، والسلام عليك و رحمة الله و بركاته.
قال: فلما ورد الكتاب على عمر بن الخطابرضي الله عنه و قرأه لم يتمالك أن بكى و بكىالمسلمون بالمدينة (1) ثم قالوا: يا أميرالمؤمنين! ابعث بنا إلى إخواننا و أمرعلينا و إلا فسر أنت فواللّه لئن أصيبإخواننا هنالك فما لنا في العيش من بعدهمأرب. قال: فهم عمر أن ينفر إلى الروم بنفسهثم إنه لم ير ذلك صوابا و أشار عليه الناسأن يجهز إليهم جيشا و يقيم هو بالمدينة.
قال: ثم أقبل على الرسول الذي جاءهبالكتاب (2) فقال له: خبرني كم كان بين الرومو المسلمين يوم خرجت إلى ما قبلي؟ فقال:إذا أخبرك يا أمير المؤمنين! بين أدناهم وبين المسلمين مسيرة ثلاثة أيام أو أربعليال و بين جماعتهم و بين المسلمين خمسليال. فقال عمر: هيهات! متى يأتي هؤلاءغياثنا؟
ذكر جواب كتاب أبي عبيدة بن الجراح من عمربن الخطاب رضي الله عنهما
(3) بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد اللهعمر أمير المؤمنين إلى أبي عبيدة بنالجراح، سلام عليكم! أما بعد فقد ورد عليّكتابك يخبرني بنفر الروم إليكم برا
(1) زيد في فتوح الأزدي: و رفعوا أيديهم ورغبتهم إلى الله، أن ينصرهم و يعافيهم، وأن يدفع عنهم.
(2) هو عبد الله بن قرط الأزدي (فتوحالواقدي- فتوح الأزدي).
(3) فتوح الأزدي ص 182 فتوح الشام للواقدي 1/178. باختلاف النصوص.