القلة و الكثرة من عدوكم، و قد سمعت ما قالرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومالخندق إذ أقبل علينا فقال: «ليفتحن عليكمأرض كسرى و قيصر و ليغنمنكم الله أموالها»(1)، فقد رأيت ذلك يا عياض و شهدت منه ماشهدت، و قد صدق الله عزّ و جلّ قول نبيهعليه السلام في ذلك و أظهركم على عدوكم،فصاروا ذمة لكم يؤذون الجزية عن يد و همصاغرون، و قد هرب رئيس الكفرة هرقل صاحبالروم خائفا وجلا منكم، حتى صار إلى أقاصيالروم فزعا مرعوبا شريدا طريدا، و ذلكبفضل الله و نعمته و حوله و طوله، فإني قدكتبت إلى يزيد بن أبي سفيان أن يمدّك بجندتقوى بهم إن شاء الله تعالى و لا قوة إلاباللّه.
فلمّا ورد كتاب عمر على عياض بن غنم نادىفي المسلمين و أقرأهم الكتاب ثم ندبهم إلىالمسير إلى بلاد الجزيرة، فأجابوه إلى ذلكسراعا. قال: فانتخب عياض خمسة آلاف رجل منعسكر يزيد بن أبي سفيان من أهل البأس والشدّة على دواب فره و سلاح شاك و عدةكاملة و تعبية حسنة، ثم خرج من الشام يومالخميس للنصف من شعبان (2)، و على مقدمتهميسرة بن مسروق العبسي، و على ميمنته سعيدبن عامر بن حذيم، و على ميسرته (3) عبد اللهبن سعيد السعدي، و على ساقته صفوان بنالمعطل السلمي، و سار حتى صار إلى الرقة (4).
ذكر فتح مدينة الرقة من بلاد الجزيرة
قال: و بالرقة يومئذ جمع من الروم عظيم،فنزل عياض بن غنم قريبا من سورها، ثم بثالسرايا حولها، فغنم المسلمون غنيمة حسنة.
قال: و أشرفت الروم من حيطان الرقة،فجعلوا يرمون بالحجارة و النشاب،
(1) روى أحمد في مسنده روايتين بهذا المعنى4/ 128 و 5/ 288.
(2) و ذلك سنة 18 كما في فتوح البلدان ص 177. وفيما نقله الطبري عن سيف بن عمر سنة 17، وقال ابن إسحاق سنة 19.
(3) في فتوح البلدان: على ميسرته صفوان بنالمعطل السلمي و كان خالد بن الوليد علىميسرته (كذا) و يقال إن خالد لم يسر تحتلواء أحد بعد أبي عبيدة (فتوح البلدان ص 177).
(4) الرقة: مدينة مشهورة على الرقة. قالياقوت: أرسل سعد والي الكوفة في سنة 17 جيشاعليه عياض بن غنم فقدم الجزيرة، فبلغ أهلالرقة خبره .... فبعثوا إلى عياض في الصلحفقبله منهم (معجم البلدان).