ذكرخبر جبلة بن الأيهم الغساني و ما كانمن إسلامه و رجوعه عن دين الإسلام
قال: بعد قدوم عمر بن الخطاب من أرض الشامقدم عليه جبلة بن الأيهم الغساني في سبعينو مائة (1) رجل من قومه المتنصرة يريدالإسلام، حتى إذا قرب من مدينة رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم أمر بني عمه من آلجفنة فركبوا الخيل العتاق و قلّدوها قلائدالفضة و عقدوا في نواصيها عقود الجوهر و فيأذنابها ذوائب الحرير، و جبلة يومئذ علىفرس له قد زيّن بمثل تلك الزينة، و علىرأسه تاج، و في تاجه يومئذ قرط مارية، ومارية جدته أم أبيه.
قال: و بلغ أهل المدينة قدوم جبلة بنالأيهم عليهم فاستبشرت الأنصار لذلك وتهيئوا الاستقباله و استأذنوا عمر بنالخطاب رضي الله عنه في ذلك فأذن لهم، قال:
و لم يبق بالمدينة بكر و لا ثيب (2) إلا خرجتللنظر إلى جبلة. قال: و أشرف جبلة علىالمدينة في موكب لم ير مثله، ثم إنّه دخلعلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه و شهدبشهادة الحق، فقرّبه عمر و أدنى مجلسه ورفع منزلته و فرح بإسلامه، و أمر الأنصارببره و كرامته ففعلوا ذلك.
قال: و أقام جبلة بالمدينة إلى أن حضر وقتالحج، فخرج الحاج و خرج معه عمر ليقيم لهمأمر الحج، قال: و خرج جبلة أيضا فيمن خرجإلى الحج، ثم أمر بقبة له ديباجة صفراءفضربت له خارج الحرم، و كان زيه مشهورابمكة لا ينظر إليه أحد إلا بعين الجلالة.
قال: فبينا جبلة ذات يوم يطوف بالبيت كمايطوف غيره إذ وطئ رجل من فزارة على إزارهفانحلّ الإزار، و التفت إليه جبلة فضربهبكفه ضربة على وجهه هشم أنفه، فأقبلالفزاري إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ودمه يسيل من أنفه، فخبره بقصته.
قال: و بعث عمر إلى جبلة فأحضره ثم قال له:ويحك! ما حملك على ما
(1) في الأغاني 15/ 163 «ألف من أهل بيته» و فيرواية أخرى في الأغاني و العقد الفريد 2/ 56في خمسمئة.
(2) في الأغاني: «عانس» و في العقد: النساء والصبيان.