ذكر الفتوحات التي كانت بعد الردة معالفرس و الروم و أصنافهم من الكفرة
بسم الله الرحمن الرحيم قال: فلما فرغ أبوبكر رضي الله عنه من حرب أهل الردّة عزمعلى محاربة الأعاجم من الفرس و الروم وأصناف الكفرة. فكان السبب في ذلك أن أوّلمن ألف الحروب من العرب و العجم المثنى بنحارثة الشيباني (1)، و ذلك أن ربيعة من بنيشيبان و غيرهم سكنوا العراق من قحط أصابهمبالتهامة و الحجاز، فارتحلت ربيعة إلىالعراق من القحط الذي أصابهم فأتت الجزيرةو سكنت اليمامة، قال: فلمّا قدمت ربيعة إلىالعراق بعث إليهم كسرى ملك الفرس فدعاهمثم قال: يا معشر العرب! ما الذي أقدمكم إلىبلدي؟ فقالوا: أيها الملك! أصابنا في بلدناقحط و جهد فرغبنا في مجاورة الملك و فزعناإلى أرضه و الكينونة في بلده و كنفه والاتصال بقربه، فإن أذن أقمنا و إلاارتحلنا. فأذن لهم كسرى في المقام على أنهملا يفسدون و أنهم يحسنون له الجوار،فضمنوا له ذلك (2). قال: فنزل بنو شيبان وغيرهم من
(1) هو المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم بنسعد بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبةالشيباني (جمهرة ابن حزم ص 324).
(2) جاءت من بني شيبان، فتلا الرسول عليهم:قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَرَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ .... 6: 151 ثم تلا:إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ... 16: 90فقال المثنى: قد سمعت مقالتك و استحسنتقولك و أعجبني ما تكلمت به، و لكن عليناعهد من كسرى لا نحدث حدثا و لا نؤوي محدثا،و لعل هذا الأمر الذي تدعونا إليه ممايكرهه الملوك فإذا أردت أن ننصرك و نمنعكمما يلي بلاد العرب فعلنا. فقال النبي (ص):ما أسأتم إذا أفصحتم الصدق، إنه لا يقومبدين الله إلا من حاطه بجميع جوانبه.(الطريق إلى المدائن ص 202).