قال: و دنا القوم من القوم فاقتتلوا قتالاشديدا، قال: ثم حسر خالد بن الوليد عمامتهعن رأسه ثم قال: أيها المسلمون! إني حاملفاحملوا، ثم حمل و حمل المسلمون معه منناحية شرقية، و حمل أبو عبيدة بن الجراح منناحية باب الرستن (1)، و حمل عمرو بن العاصمن جانب آخر، و خرج عليهم يزيد بن أبيسفيان (2) من ورائهم و وضع فيهم السيف، فقتلمنهم بشر كثير و ولوا الأدبار حتى دخلواالمدينة و قد ألقى الله عز و جل في قلوبهمالرعب و الخوف.
فلما كان من غد أرسلوا إلى أبي عبيدة بنالجراح يسألونه الصلح و ذلك أنهم اتقواالحصار و خافوا على أنفسهم أن يسبوا كماسبي غيرهم، فصالحهم أبو عبيدة على سبعينألف دينار (3) عاجلة، و على أداء الجزية عنكل محتلم في كل سنة أربع دنانير، و علىأنهم يضيفون المسلم إذا نزل بهم، و علىأنهم لا تهدم كنائسهم و لا يخرجون منمدينتهم، فرضوا بذلك، و كتب لهم أبو عبيدةبهذا الصلح كتابا و أشهد عليه صلحاءالمسلمين و دفعه إليهم. قال: و فتح القومباب المدينة فدخلها المسلمون صلحا قد أمنبعضهم من بعض، فنزل أبو عبيدة مدينة حمص وبث خيله في الغارات يمنة و يسرة. ثم كتب إلىعمر بن الخطاب رضي الله عنه و عنهم.
ذكر كتاب أبي عبيدة بن الجراح إلى عمر بنالخطاب رضي الله عنهما
(4) بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمربن الخطاب أمير المؤمنين من عامر بنالجراح، سلام عليك! أما بعد فالحمد للّهالذي فتح (5) علينا و عليك أفضل كورة بأرضالشام (6) و أكثرها خراجا و نفعا و أعظمهاعلى المسلمين فتحا، أخبرك يا أميرالمؤمنين إنا قدمنا بلاد حمص و بها منالكفار عدد كثير، فلما حللنا بساحتهمأوهن
(1) الرستن: بلدة بين حماة و حمص.
(2) في فتوح البلدان ص 137 استخلفه أبو عبيدةعلى دمشق و قدم إلى حمص.
(3) في فتوح الأزدي ص 146 و فتوح البلدان ص 137مائة ألف و سبعين ألف دينار.
(4) نسخته في فتوح الأزدي ص 146 و الوثائقالسياسية وثيقة رقم 353/ ن ص 468.
(5) الأزدي: أفاء.
(6) الأزدي: أهلا و قلاعا. و أكثرهم عددا وجمعا و خراجا، و أكبتهم للمشركين كبتا، وأيسرهم على المسلمين فتحا.