تاریخ ابن أعثم الکوفی جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
قال: فأقبل رافع ابن هذا مكلم الذئب إلىخالد بن الوليد فقال: أيّها الأمير! أناأعرف هذه المفازة (1) و لا يخفى عليّ موضعفيها إن شاء الله، قال فقال له خالد بنالوليد: كم تكون هذه المفازة؟ قال: مسيرةخمسة أيام، و ما فيها ماء إلا في موضع و أناأعرف به، قال خالد: فإني قد جعلتك دليلافإذا سلم الله عزّ و جلّ من هذه المفازةفلك عندي عشرة آلاف درهم و ما لك عند اللهعزّ و جلّ من الثواب أكثر، فقال رافع بنعميرة: أيّها الأمير! فإني قد رضيت بذلك ولكن أبغني (2) خمسة و عشرين جملا، فقال:ألقوا إليها العلف اليابس و امنعوها منالماء. ثم أمر بها فألقي إليها العلف فجعلتالإبل تعتلف و قد منعت من الماء، ثم أوردهابعد ذلك فشربت حتى امتلأت أجوافها منالماء ثم أمر بها فكمعت لكيلا تحبر (3)، وأمر الناس أن يستوفروا من الماء، ثمّ أمرالناس بالرحيل.
قال: فكان كلّما سار يوما أمر بخمس (4) منتلك الجمال فنحرت ثم شق أجوافها ثم أمربالجفان فأحضرت و جعلوا يعصرون ما في كروشالجمال من الماء في الجفان و يمزجونهبالقليل من الماء العذب و يسقى الخيل والبغال و الحمير، و أما ما كان معهم منالإبل فإنها لم تذق الماء خمسة أيام، فلميزل القوم على ذلك، كلّما نزلوا ذبحواخمسة من الإبل فسقوا ما في أجوافها، فلمّاكان اليوم السادس سار القوم و هم لا يشكّونأنّهم قاربوا العمران (5). قال: و رمدت عينالدليل فلم يبصر سهلا و لا جبلا و أيسالناس من أنفسهم فأضربهم العطش و خافواعلى أنفسهم الهلاك و حميت عليهم الشمس،فقال خالد بن الوليد للدليل: ويحك يا رافع!أين الطريق و أين الماء؟ فقال: لا و اللهأعزّ الله الأمير! لا أدري، و لكن انظرواميمنة و ميسرة، فإن رأيتم شجرة عوسج (6) فقدنجوتم و الماء تحت الشجرة و إلا فقد هلكت وهلكتم.