تاریخ ابن أعثم الکوفی جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
قال: اكتب: هذا ما أوصى به أبو بكر عبد اللهبن عثمان عند آخر عهده بالدنيا فهو خارجمنها و أول عهده بالآخرة و هو داخل فيهاأنه استخلف على الأمة عمر بن الخطاب، فإنقصد الحق فذاك ظني به و رجائي فيه، و إن بدلو غير فلكل امرئ ما اكتسب وَ سَيَعْلَمُالَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍيَنْقَلِبُونَ 26: 227 (1).
قال: ثم دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه،فلما جاء و قعد بين يديه فقال له أبو بكر:يا عمر! إنه قد أبغضك مبغض و أحبك محب وقديما كان الشر يحب و الخير يبغض، فدونكهذا العهد فخذه إليك، فأنت خليفتي من بعديعلى الأمة. فقال عمر: يا خليفة رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم! إنه لا حاجة ليفيها، فقال أبو بكر: فإن لم يكن لك فيهاحاجة فإن بها إليك حاجة، و بعد فإني ماحبوتك بالخلافة و لكني حبوت الخلافة بك، ومع ذلك فإني أحذرك نفسك فإن النفس لأمارةبالسوء، و أحذرك بعد نفسك الناس فإنه قدشخصت أبصارهم و انتفخت أجوافهم و تمنى كلواحد منهم أمنية (2)، و اعلم يا عمر! فإنهممنك خائفون ما خفت الله تعالى و انزه عنهواك، و اعلم يا عمر! إن للّه تعالى حقابالنهار لا يقبله بالليل و حقّا بالليل لايقبله بالنهار، و اعلم أنه لا يقبلالنافلة حتى تؤدى الفريضة، و قد علمت ياعمر أن الله تبارك و تعالى ذكر أهل الجنةبحسن أعمالهم و ذكر أهل النار بسوءأفعالهم و إنما ثقلت موازين من ثقلتموازينه يوم القيامة باتباع الحق، و[إنما-] خفت [موازين-] من خفت موازينه [يومالقيامة-] باتباع الباطل، و قد علمت يا عمرأن الله عز و جل أنزل آية الرخاء مع آيةالشدة و آية الشدة مع آية الرخاء ليكونالمؤمن في هذه الدنيا راغبا راهبا و لايلقي بيده إلى التهلكة، فانظر يا عمر! لاتتمن على الله إلا الحق و لا يكونن شي ء هوأحب إليك من الموت و لا أبغض إليك منالحياة، و إياك و الذخيرة فإن ذخيرةالإمام تفسد عليه دينه و تسفك دمه، فاحفظوصيتي يا عمر و لا تنسها، و احفظ المهاجرينو الأنصار و اعرف لهم حقهم و فضائلهم و لاتفضهم و لا تباعدهم