تاریخ ابن أعثم الکوفی جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
قال: ثم تكلم شرحبيل بن حسنة فقال (1): هذاوقت (2) لا بدّ فيه من الرأي و النصيحةللمسلمين، فإن خالف الرجل أخاه في الرأيفإنما على كل إنسان أن يجتهد في النصيحة، وقد رأيت غير الذي رأى يزيد بن أبي سفيان،على أن يزيد و الله عندي من الناصحين لجميعالمسلمين و لكن رأيت أن لا نجعل نسواننا وأولادنا مع أهل حمص فإنهم على دين عدوناهؤلاء الذين أقبلوا إلينا، و لسنا نأمن إنوافانا عدو و استقبلنا لقتالهم أن تنقضأهل حمص عهدنا و ميثاقنا فيحتووا علىنسائنا و أموالنا، فيتقربون بهم إلىعدونا.
فقال أبو عبيدة: ويحك يا شرحبيل! إن اللهتبارك و تعالى قد أذل أهل حمص بالرعب الذيألقاه الله عزّ و جلّ في قلوبهم و سلطاننااليوم أحب إليهم من سلطان عدونا و إن كانواعلى دينهم، فأما إذ قد ذكرت ما ذكرت وخوفتنا منهم بما خوفت فإني قد رأيت أن أخرجأهل حمص من مدينتهم و ندخل نساءنا وذرياتنا المدينة و نأمر رجالا من المسلمينأن يقوموا على سورها و أبوابها، و نقيم نحنبمكاننا هذا و نكتب إلى إخواننا فيقدمونعلينا. قال: فقال له شرحبيل بن حسنة: أيهاالأمير! أصلحك الله عزّ و جلّ! إنه ليس لناأن نخرج أهل حمص من مدينتهم و قد صالحناهمو كتبنا لهم من أنفسنا كتابا بالصلح (3) ولكن (4) نقيم في مواضعنا هذه و نكتب إلى أميرالمؤمنين كتابا نعلمه فيه بنفر الرومإلينا، فلعله أن يمدنا بإخواننا من أهلالمدينة.
قال: فقال أبو عبيدة: ويحك يا شرحبيل! إنالأمر أجلّ و أعجل من ذلك و لا أظن إلا أنالروم سيعاجلوننا من قبل أن يصل خبرنا إلىأمير المؤمنين.
قال: فوثب ميسرة بن مسروق العبسي فقال (5):أيها الأمير! إنا لسنا بأصحاب قلاع و لاحصون و إنما نحن أصحاب البر: البلد القفرفسر بنا من هذه المدينة إلى دمشق فإنا أوثقبأهلها منا بأهل حمص، فإذا صرت إليهافاضمم قواصيك و اكتب إلى أمير المؤمنينبخبر عدونا و سله المدد فذاك الذي تريدون،و إن تكن الأخرى و عاجلنا