تاریخ ابن أعثم الکوفی جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
العرب و دخولهم إلى بلادكم بترككم وصيةالمسيح عيسى ابن مريم، لأنه قد كان أوصاكمبأن لا تظلموا الناس و أنتم تظلمون الناس،و نهاكم عن الفجور و أنتم تفجرون، و نهاكمعن الكذب و أنتم تكذبون، ثم إنّكم نزلتمبقوم أعززتم عليهم فأخذتم أموالهم و فجرتمبنسائهم، فخبّروني ما ذا يكون عذركم عندربّكم؟ و ما ذا تقولون للمسيح عيسى ابنمريم و قد تركتم أمره و ضيّعتم وصيته و ماكان يتلو عليكم من كتاب ربّكم؟ و بعد فهذاعدوّكم قد نزل بساحتكم و يريد قتلكم واستئصالكم و سبي نسائكم و أولادكم و أخذأموالكم، فإن نزع سلطانكم من أيديكم وأظهر عليكم عدوكم فلا تلوموا إلا أنفسكم(1)، و بعد فقد بلغني المظلوم منكم يأتالرجل من بطارقتكم و ساداتكم فيستعديه علىظالمه فلا يعديه، و يتظلّم إليه فلا ينصرهعليه لكنّه يأمر بضربه و ربّما أمر بقتله(2)، فعجبا لأفعالكم هذه كيف لا تنهدّ لهاالجبال و تزلزل منه الأرض و ترعد السماواتبخطاياكم هذه العظام! و اعلموا يا ولدالأصفر أن هؤلاء المظلمومين ينصرهم الله وينتصف لهم، فإن فعل ذلك في الدنيا و إلّاففي الآخرة، لأنّه لا يفوته ظلم ظالم و لايعزب عن علمه برّ و لا إثم، فإن أنتم كففتمعن الظلم و ارتدعتم عن الفجور و قبلتم ماأمركم به المسيح عيسى ابن مريم رجوت لكم أنتنصروا هؤلاء العرب و إلّا فأيقنوا بالذلّو الهوان، و اعلموا أنكم إن لم تؤمنوا بماأقول لكم فأنتم عندي أشرّ من الكلاب والخنازير و أسوء حالا من البغال و الحمير،و لقد سخط الله عزّ و جلّ على أعمالكم و أنامنكم بري ء، و سترون عاقبة الظلم إلى ماذا يوردكم و إلى أي شي ء مصيركم يؤول!فضجّت البطارقة من كل ناحية و قالوا: أيّهاالوزير! فإنّا بعد هذا اليوم سامعونمطيعون لا نخرج لك عن أمر تأمرنا به، فأشرعلينا برأيك و أمرنا بما تحبّ من أمرك.
فقال ماهان: أما في وقتي هذا فقد رأيت أنأبعث إلى هؤلاء العرب فأسألهم أن يبعثواإلينا رجلا منهم يكون له فهم و عقل و رأييعلم ما يقول و يقال له فنكلمه، و نطعمهمفي شي ء من أموالنا نعطيهم إياه فيأخذونهو يرجعون إلى صاحبهم الذي بعثهم إلىحربنا، فإن أجابوا إلى ذلك و قبلوه كانالذي يأخذونه منّا قليلا عند ما نخاف علىأنفسنا من هذه الوقعة التي لا ندري ألناتكون أم علينا، فقالت البطارقة: