الكتيبة فاتقوها، فقال عمرو بن معدي كرب:يا معشر المسلمين! لعله قد هالتكم هذهالكتيبة؟ قالوا: نعم و الله يا أبا ثور لقدهالتنا! و ذلك أنك تعلم أنا نقاتل هؤلاءالقوم من وقت بزوغ الشمس إلى وقتنا هذا،فقد تعبنا وكلّت أيدينا و دوابنا و كاعترجالنا و قد و الله خشينا أن نعجز عن هذهالكتيبة إلا أن يأتينا الله بغياث من عندهأو نرزق عليهم قوة و نصرا. قال: فقال عمرو:يا هؤلاء! إنكم إنما تقاتلون عن دينكم وتذبون عن حريمكم و تدفعون عن حوزةالإسلام، فصفوا خيولكم بعضها إلى بعض وانزلوا عنها و الزموا الأرض وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا 3: 103، فإنكم بحمد اللهصبراء في اللقاء، ليوث عند الوغى، و هذايوم كبعض أيامكم التي سلفت، و و الله إنيلأرجو أن يعز الله بكم دينه و يكبت بكمعدوه. قال: ثم نزل عمرو عن فرسه و نزل معهزهاء ألف رجل من قبائل اليمن، ما فيهم إلافارس مذكور، و نزل معه أيضا من كان [من ]قومه و عشيرته. قال: ثم تقدم عمرو حتى وقفأمام المسلمين شاهرا صمصامته (1) و قد وضعهاعلى عاتقه و هو يقول- شعر:
لقد علمت أقيال مذحج أنني
صبرت لأهل القادسية معلما
و طاعنتهم بالرمح حتى تبددوا
بذلك أوصاني أبي و أبو أبي
حمدت إلهي إذ هداني لدينه
فللّه أسعى ماحييت و أشكر
أنا الفارسالحامي إذا القوم أضجروا
و مثلي إذا لمتصبر الناس يصبر
و ضاربتهمبالسيف حتى تكسروا
بذلك أوصاهفلست أقصّر
فللّه أسعى ماحييت و أشكر
فللّه أسعى ماحييت و أشكر
قال: و حملت تلك الكتيبة الحامة على عمروبن معديكرب الزبيدي و أصحابه فلم يطمعوامنهم في شي ء. قال: و حمل جرير بن عبد اللهمن الميمنة، و حجر بن عدي من الميسرة، والمكشوح المرادي من الجناح، و عمرو بنمعديكرب من القلب، و صدقوهم الحملة فولوامدبرين، و وضع المسلمون فيهم السيف، فقتلمنهم من قتل، و انهزم الباقون حتى صارواإلى خانقين (2). و أمسى المسلمون فلميتبعوهم (3)، لكنهم أقاموا في موضعهم حتىأصبحوا و أقبلوا حتى دخلوا جلولاء،
(1) مر قريبا خبر الصمصامة (سيف عمرو بنمعدي كرب)، راجعه.
(2) خانقين: بلدة من نواحي السواد في طريقهمذان من بغداد.
(3) في الطبري 4/ 182 و ابن الأثير 2/ 145 سارالقعقاع بن عمرو في طلب المنهزمين حتى بلغخانقين.