تاریخ ابن أعثم الکوفی جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
منها بعد إذ فرقت بينكما فإنه إن بلغنيعنك ذلك رجمتك، فقال الجذامي: قد قبلتوصيتك يا أمير المؤمنين.
قال: ثم سار عمر من هنالك حتى صار إلى واديالقرى (1)، فلما نزل هنالك أقبل إليه أهلالبلد فقالوا: يا أمير المؤمنين! عندناههنا امرأة قد كنا نعرف لها زوجا واحدا وكان شيخا كبيرا و اليوم لها زوج آخر، و هماجميعا يغدوان إليها و يروحان، قال: فتبينالغضب في وجه عمر رضي الله عنه ثم قال: عليّبهما و بالمرأة، فأتي بهم فلما وقفالرجلان بين يدي عمر سأل عن دينهما فقالا:
مسلمان، قال: فالمرأة؟ قالا: مسلمة، قال:فما الذي بلغني عنكما و عن هذه المرأةأنكما جميعا تغدوان إليها و تروحان؟ أماعلمتما أن هذا عليكما حرام؟ فقالا:
لا و الله ما علمنا أن هذا حرام علينا،فقال عمر للمرأة: أيهما زوجك الأول؟
فقالت: هذا الشيخ، فقال له عمر: ويحك ياشيخ! ما حملك على ما صنعت و ما هذا الأمرالقبيح لم أسمع ببر و لا فاجر فعل مثله؟فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين! أنا شيخكبير كما ترى و قد ضعفت ورق جلدي و دق عظمي،و كانت لي إبل كثير فضعفت عن رعيها و سقيهاو لم يكن لي ولد و لا أحد أتكل عليه و أثق بهفي أمرها، فجاءني هذا الشاب يسألني أنأجعل له معي في هذه المرأة نصيبا يكون لهيوما و ليلة و يكفيني رعي إبلي و سقيها،فقلت في نفسي: هذا رجل له على الرعي و السقيقوة و جلد و أنا ضعيف لا أقدر على ذلك، فكانيكفيني رعي إبلي و له من المرأة ما خبرتك،فإذا قد خبرتني أنه حرام فإني لا أعود إلىذلك و لا أفعله أبدا، فقال له عمر: أيهاالشيخ! خذ امرأتك فإنها لك و ليس لأحد معكفيها نصيب و لا له عليها سبيل، قال: ثم أقبلعمر رضي الله عنه إلى الشباب فقال: أما أنتفقد حلفت أنك لم تعلم أن هذا عليك حرام ولكن انظر ما آمرك به، إياك أن يبلغني عنكأنك نازلت هذا الشيخ على ماء من المياه!فواللّه لئن بلغني أنك نازلته على ماء أودنوت من هذه المرأة بعد هذا اليوم لأضربنعنقك، قال فقال الفتى: لست أنزل معهم و لاأقربهم يا أمير المؤمنين.
قال: و رحل عمر بن الخطاب رضي الله عنه منوادي القرى حتى صار إلى المدينة و تلقاهالمسلمون يهنئونه بقدومه و سلامته و ماأفاء الله عزّ و جلّ عليه من أمر فلسطين وما والاها.