تاریخ ابن أعثم الکوفی جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
ألا إن أهل الرهاء في ذمتنا و عهدنا، فلاتؤذوهم و لا تدخلوا عليهم في منازلهم إلابإذن. قال: فكفّ المسلمون عن محاربة أهلالرهاء، و أخذ عياض منهم ما صالحهم عليه، وأعجبته المدينة و أقام بها أياما.
قال: و اصطنع له ميطولس بطريق الرهاءطعاما كثيرا ثم جاء إليه فقال: أيهاالأمير! إني قد فرشت الكنيسة العظمى و قدأحببت أن تتغذى عندي أنت و من شئت من قومك،و تكرمني بإجابتك إياي إلى طعامي، حتى ترىأصحابي إكرامك لي، قال فقال عياض: ياميطولس! لو فعلت ذلك بأحد من أهل دينكلفعلته بك، غير أني رأيت أمير المؤمنينعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما دخل بيتالمقدس اصطنع له البطريق طعاما و دعاهإليه فلم يجبه عمر إلى ذلك، و أنا أيضا لاأحب أن أفعل ما لم يفعله عمر، قال ميطولس:أيها الأمير! فمر أصحابك يجيبوني إلى ذلك،قال: ما كنت بالذي آمرهم و لا أنهاهم.
قال: فبقي الطريق واقفا بين يدي عياض لايدري ما يقول، فقال له عياض:
أيها البطريق! إنما أنت تفعل بنا ذلك خوفاعلى أرضك، و إنما يجب عليك أن تفعل هذا بمنيأتيك من بعدنا، فأما نحن فقد و فينا لكبالصلح، فلا تخف منا ظلما و لا أن نحملك مالا تطيق! قال: فانطلق البطريق إلى أصحابه وهو يقول: هذا أفضل رجل يكون.
قال: و إذا امرأة نصرانية قد أقبلت علىعياض بن غنم مع ابن عم لها فاختصمت إليه فيشي ء كان بينهما، قال: فقضى عياض للرجلعلى المرأة بالحق، ثم إنه نظر إليهما وتأملها فرأى لها حسنا و جمالا فقال لها: لكزوج؟
فقالت: لا، فقال: هل لك في زوج؟ فقالت: ماأحوجني إلى ذلك إن كان الزوج على ما أريد،قال عياض: فإن كان الزوج على ما تريدين أتخرجين من دين النصرانية و تدخلين في دينالإسلام؟ فقالت له: ما أفارق دينالنصرانية أبدا، و ما على الزوج مني؟ لهدينه و لي ديني، قال: فهمّ عياض أنيتزوجها، ثم قال: أمير قوم يتزوج بكافرة،هذا ما لا يحسن، فأعرض عنها و تركها.فجاءها رجل من أصحاب عياض فخطبها، فقالت:أنا خطبة أميرك و ليس لي في غيره من حاجة،قال: ثم إن هذه المرأة اصطنعت لعياض طعاماكثيرا و أرسلت به إليه، فقبله منها و وهبلها جارية مما صار إليه من سهمه.