تاریخ ابن أعثم الکوفی جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
و أخرى فإن زياد بن لبيد بين أظهرنا و هوعامل علينا و لا يدعك أن ترجع إلى الكفربعد الإيمان. قال: فضحك الأشعث ثم قال: أولا يرضى زياد أن يخبره فيكون بين أظهرنا!قال: فقال له إمرؤ القيس: يا أشعث! انظر مايكون بعد هذا. قال: ثم انصرف امرؤ القيس إلىمنزله و أنشد شعرا (1). قال: و افترق القومفريقين: فرقة أقاموا على دين الإسلام فلميرجعوا و عزموا على إقامة الصلاة و إيتاءالزكاة، و فرقة عزموا على منع الزكاة والعصيان.
قال: و انصرف زياد بن لبيد يومه ذلك مغموماإلى منزله، فلما كان بعد أيام نادى في أهلحضرموت فجمعهم ثم قال: اجمعوا صدقاتهمفإني أريد أن أوجه بها إلى أبي بكر الصديقلأن الناس قد اجتمعوا عليه و قد أهلك اللهأهل الردّة و أمكن منهم المسلمين. قال:فجعل قوم يعطونه الزكاة و هم طائعون، و قوميعطونه إياها كارهين، و زياد بن لبيد يجمعالصدقات و لا يريهم من نفسه إلا الصّرامة،غير أنه أخذ يوما من الأيام ناقة من إبلالصدقة فوسمها و سرحها مع الإبل التي يريدأنّ يوجّه بها إلى أبي بكر رضي الله عنه وكانت هذه الناقة لفتى من كندة يقال له زيدبن معاوية القشيري (2) من بني قشير، فأقبلذلك الفتى إلى رجل من سادات كندة يقال لهحارثة بن سراقة فقال: يا بن عم! إن زياد بنلبيد قد أخذ ناقة لي فوسمها و جعلها مع إبلالصدقة و أنا مشغوف بها فإن رأيت أن تكلّمهفيها فلعلّه أن يطلقها و يأخذ غيرها منإبلي فإني لست أمتنع عليه! قال: فأقبلحارثة بن سراقة إلى زياد بن لبيد و قال له:إن رأيت أن تردّ ناقة هذا الفتى عليه وتأخذ غيرها فعلت منعما! فقال له زياد بنلبيد: إنّها قد دخلت في حقّ الله و قد وضععليها ميسم الصدقة و لا أحبّ أن آخذ غيرها،فغضب حارثة بن سراقة من ذلك ثم قال: أطلقهاو أنت كريم و إلا طلقتها و أنت لئيم (3). قال:فغضب زياد من ذلك، ثم قال (4): لا أطلقها حتىأنظر من يحول بيني و بينها أو يمنعها! قال:فتبسّم حارثة بن سراقة ثم جعل يقول أبياتامن جملتها: