عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف - نسخه متنی

حسین جمعة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إلى إحداث تغيرات واسعة في المفاهيم والسلوك أدركت القيم فنشأت مفاهيم واتجاهات وقيم ولغة ليست مما كان سائداً خلال حقبة زمنية مضت، فانسحب مفهوم الشاري من دائرة الاستعمال اللغوي ليحل محله مفاهيم المستهلِك والمستهلَك والاستهلاك. لأن الإقبال على طلب السلعة لم يعد شراء مادياً لها، واستهلاكها كسلعة فحسب وإنما طلبها كقيمة ورمز معنوي أيضاً.

فنمط الاستهلاك المستحدث أدى إلى ظهور سلوك تمثل في الرغبة بالاستهلاك ونزوع للتماثل مع المنتج المتسلط أي الغرب، الذي غدا هو ونماذجه ومنتجاته شبكة من الصور والرغبات في ذهن المستهلك وفي سلوكه.

فثقافة الإعلان التي تروج لثقافة الاستهلاك قد صدرت بشكل أو بآخر من حالة الانبهار الشديد بالمجتمعات المنتجة وثقافتها. وغدت السلعة ترمز للمنتج نفسه إذ صار الناس يقبلون عليها لأنها تعني أموراً ليست مما يتعلق بغرض استعمالها بشكل مباشر وتولد نتيجة لذلك شكل من أشكال التبرم بالذات وتغذية نزعة التماهي مع المتسلط وتقمص سلوكه والاستغراق في عالمه من خلال المزيج من الصور والعبارات التي تتوجه إلى إيقاظ شهوات المستهلك وتحريك رغباته في الامتلاك. وهي بذلك لا تعدم وسيلة نشر إعلاناتها حيث الانترنيت والشبكات العنكبوتية وغيرها...

ونشأ إزاء ذلك أشكال من المباريات الإعلانية التي تعتمد مناهج مطبوطة تستثمر في موادها الصوت والحركة كأساس في عمليات، دخل العمل فيها دائرة الاختصاص.

وثقافة الإعلان هذه، إضافة إلى ترويجها للسلع، فهي تروج وسائل لإثارة الشهوات ودغدغتها ولإيقاظ الغرائز، فصار الإعلان ـ كما يقول ف.جيمسون ـ استثماراً شبقياً يروج للسلعة. وصارت بعض الإعلانات مطلوبة لدى فئة واسعة من المراهقين والأطفال. وأنتجت المنافسة التجارية منافسة إعلانية على صعد محلية وإقليمية وعالمية حيث (يتزايد الطمع في الكسب والثروة والعطش إلى السيطرة الاقتصادية على السوق التجارية).

وقد أثر ذلك في أذواق الناس حيث وصل الأمر بالنسبة للمستهلك إزاء الترويج الإعلاني إلى الانجرار وراء سلع تتعدى أثمانها إمكاناته.

فكأن الثقافة التي يروجها الإعلان وقد سطت على التفكير والسلوك بإشاعتها أنماطاً استهلاكية لا تضبطها معايير أخلاقية محددة وصلت إلى حد شل قدرات الوعي عند الإنسان، فلم يعد قادراً على إدارة حياته وفقد القدرة على استغلال الوقت استغلالاً مثمراً بدلاً من إهداره أمام الشاشة التي لن تستطيع سوى الإشباع الوهمي لحاجات الإنسان.

نقتطع من مقالة لـ(جول سويردلو) نشرها في عدد (ت1 1995) بمجلة (الجغرافية العالمية)، بعنوان (ثورة المعلومات) مقطعاً يصف التحولات الاجتماعية في مجال التواصل الإنساني، حيث يقول:

"في كثير من الأحيان تكون التغيرات المصاحبة للتكنولوجيات المعلوماتية الجديدة دقيقة للغاية، حتى أننا بالكاد نلحظها، فقبل ظهور الكلمة المكتوبة، كان الناس يعتمدون على ذاكرتهم، وقبل الهاتف، كان الناس يعرفون متعة كتابة الرسائل واستلامها، والفرح لدى العثور على رسالة في صندوق البريد مكتوبة بخط يد صديق أو قريب. وقبل التلفزيون والحاسب، كان لدى الناس إحساس أقوى بالجماعة، ومودة أكثر تجاه عائلاتهم وجيرانهم. جعلنا التلفزيون نلتصق ببيوتنا، وعزلنا عن باقي البشر".

وفي مكان آخر يقول:

"يبدو تراجع العلاقات المباشرة بين الناس جلياً في معظم أجزاء العالم. ففي سائر أنحاء الشرق الأوسط، تختفي تدريجياً حياة المقاهي حيث اعتاد الناس على تبادل الأخبار حول قدح من الشاي. وفي باريس، تستمر عملية إغلاق البارات الشعبية، بل أن كثيراً منها أخذ يغلق أبوابه في النهار... وهكذا فإن أونري ميكيل وهو صاحب بار أصبح يغلق أبوابه في الساعة الثامنة مساءً بدلاً من منتصف الليل. فأين يذهب الرواد؟ يقول ميكيل: "إنهم يهرولون لمشاهدة التلفزيون".

أحدث مجتمع الاستهلاك الذي أفرزته الثورة التكنولوجية والمعلوماتية تحولاً في السلوك الذي هو تحول وتغير في الشخصية.

/ 141