عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف - نسخه متنی

حسین جمعة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

للدوافع، فما عمليات الكبت، ومشاعر الإحباط إلا بعض تجليات التكييف الذي تخضع لـه الشخصية. ويضرب علماء التحليل النفسي الأمثلة على تحطيم الإردة الأصلية عند الإنسان بخاصة فيما يتعلق بالجنس فإدانة بعض الممارسات الجنسية برأيهم تؤدي إلى تحطيم إرادة النشئ وإثقاله بالهموم والشعور بالإثم، ويتولد عن ذلك الكثير من التغيير في سلوك الفرد فما عمليات التصعيد والتجاوز إلا بعض وجوه هذا التغير الذي يأخذ بالسلوك الإنساني إلى مجالات إيجابية تبرز في الإبداع في مجالات العلم والأدب والفن... وبعض الأشخاص قد يسوقهم الكبت إلى مهاوي المرض النفسي أو إلى ممارسة السلوك العدواني.

هذا بشكل عام، أما في ظروف التحدي التكنولوجي وثورة المعلومات وسيادة نمط الاستهلاك فإن الهوة المعرفية بين عالم يتملك مصادر المعلومات ويتحكم في توزيعها وتخزينها وبرمجتها ويعمل على تضليل الآخرين بما يسربه من معلومات مزيفة أو مضللة فإن آثار ذلك في الشخصية تبدو أخطر وأشد إيلاماً.

فعلى مستوى التملك تؤثر أساليب التملك وقوته على مدركات الأشخاص لأحاسيس معينة، فثمة فروق كبيرة بين إدراك الفقير ـ على سبيل المثال ـ لقطعة نقدية وإدراك الغني لها.. كما أن الرغبة المستشرية على الملكية تولد الرغبة في استخدام العنف من أجل سرقة الآخرين بوسائل سافرة أو خفية.

وثمة تغيرات أخرى يمكن قراءتها فيما يبدر عن الأشخاص من سلوك تسمح في تصنيف الشخصية الإنسانية في أنماط مختلفة إلى حد كبير عما ألفناه في كتب علم النفس التقليدية والمدرسية من شكل منبسط إلى منطو.... أو شخصية ذات ترجيع قريب أو ترجيع بعيد... وإلى ما هناك من تصنيفات لا تأخذ في الاعتبار ما حدث في مجال الشخصية من تبدلات هي بعض آثار الإعصار الإعلامي التكنولوجي المعلوماتي وهو يعيدنا إلى تلك التغيرات التي حصلت في سلوك البشر حين صعود البورجوازية وقيام الثورة الصناعية في الغرب إذ أحدث ذلك نقلة في الشخصية حددت ركناً أساسياً من هوية الفرد من حيث ما أحدثه من تأثير في الحياة اليومية للناس وفي التصورات التي كانت عندهم عن العالم. فقد كانت الحياة اليومية خلال القرون الوسطى مطبوعة بنوع من العلانية، أي أن كل شيء يجري أمام أعين الآخرين. لكن صعود البورجوازية منذ القرن السادس عشر عمل على ظهور الشخصية الادخارية المتسلطة وظهرت قيم جديدة مختلفة عما كانت عليه قبل ذلك. فالبورجوازي يدير نمط حياته الخاصة بالطريقة التي يدير فيها منشآته (من محال تجارية ومعامل)، أي أنه في منزله يتصرف بانكفاء على ذاته وبعيداً عن أعين الناس. انعكس ذلك السلوك في تعامله مع أشيائه خصوصاً داخل منزله إذ التفت إلى نوع من المفروشات وأدوات الزينة التي تعكس صورته عن نفسه. لم يعد في المنزل مساحات فارغة كما كان من قبل في قصور الإقطاعيين، وإنما أصبح المنزل يعج بالمرايا. وفي مجالات الأدب انتشر ما يعرف بالسيرة، وعلى صعيد الفن التشكيلي انتشرت صور البورجوازي الذاتية ملأ بها جدران منزله... أي ما وصفه (ريفكين) بتصور الذات المستقلة والهوية القائمة بذاتها حيث يعيش الأفراد في عزلة شبه تامة عن بعضهم أي في عالم قوامه الحيّز أو المجال... وهكذا يعيش الادخاري مكتفياً بذاته، سيد نفسه ومالك ثروته.

أما فيما بعد ومع تدخل الدولة في نشاطات الأفراد وفرضها الضرائب فقد صار تدخلها نوعاً من الشراكة غير الظاهرة والمكروهة شيئاً فشيئاً. ومع الانتقال إلى العصر ما بعد الصناعي بدأ في الظهور نمط جديد للشخصية دعاه (فروم) بالشخصية التسويقية حيث يبدو الناس اليوم وهم ينخرطون في عالم الاتصالات وتدفق المعلومات أكثر تعاملاً مع الزمن منه من تعاملهم مع المكان. وهو زمن تضبط حركته شبكة من العلاقات أشد تعقيداً وأكثر انفتاحاً على الأحداث التي تتوالى صورها بسرعة كبيرة، حيث تلغي إحداها الأخرى في ثوان محدودة. ودخل إلى التفكير البشري مقولة أخذت تحل محل الكوجيتو الديكارتي (أنا أفكر أنا موجود)، وهي مقولة: (أنا في قلب الشبكة أنا موجود).

فالشخص منذ بدايات القرن العشرين خضع في نظر نفسه وفي نظر الآخرين يصبح كسلعة وقيمته صارت تتحول من قيمة انتفاعية إلى قيمة تبادلية ليصبح أخيراً سلعة في سوق الشخصيات. وأصبح مفتاح نجاح الشخص يتمثل في الكيفية التي يجعل فيها نفسه (مجموعة صفاته وشخصه)، صفقة مقبولة في سوق العمل... إذ يتوقف نوع الشخصية المطلوبة إلى حد كبير على طبيعة العمل. وهو ما يؤكد ما ذهب

/ 141