عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
بقوله: "يمكن القول إن تاريخ التطور الإنساني هو تاريخ التفاعل بين هذين الاعتبارين، فالحرية الفردية في حالة انطلاقها يمكن أن تحدث خللاً في البناء الاجتماعي ومنظومة قيمه، واحترام النظام الاجتماعي في كل تفاصيله وثناياه، ويمكن أن يقود إلى الجمود وعدم التطور. كيف نواجه التحدي؟... إن استيعاب التكنولوجيا ومواءمتها مع البيئة، مع الحفاظ على الخصوصية المحلية والتاريخية أمر لابد منه، إذ أنه من العبث تجاهل ثورة المعلومات والتكنولوجيا، وعدم الاستفادة منها للحد الأقصى إذا أردنا لثقافتنا أن تتطور وتستمر وتعيش وتنفض عن كاهلها عوامل التخلف. وتحيق هذا الهدف أمر يتجاوز أي شريحة اجتماعية أو فئة ثقافية أو علمية، أو اقتصادية، لأنه مهمة للأمة كلها، والمجتمع كله، لمؤسساته المدنية، وإدارة الدولة والنظام السياسي، إنه قضية وطنية تواجه الأمة كلها، وتتعلق بإرادتها كلها، وإن لم تواجه بهذا الفهم، فمن المتعذر استيعاب ثورة التكنولوجيا والمعلومات، وسنبقى مستوردين للمنتجات منفعلين بها غير فاعلين، معرضين ثقافتنا للغزو والهزيمة والانهيار، ويمكن اعتبار الاقتناع بالأهمية الفائقة للثورة التكنولوجية وثورة المعلومات في مجال الثقافة موضوعاً أساسياً، ولابد من إعطاء أولوية متقدمة لهذا الأمر للحفاظ على الذاتية الثقافية، ومنظومة قيم المجتمع الإيجابية، والخصوصية الوطنية، بل الشخصية الوطنية، ويمكن العمل في هذا الإطار في مجالات عدة، لمواجهة الثقافة العربية الإسلامية للتحدي التكنولوجي ومن أهمها: 1 ـ وضع برنامج لإنشاء صناعات ثقافية في البلدان العربية، إن هذا الشرط متوفر خاصة بجانبيه الاستثماري والبشري، فالاستثمارات لدى الدول العربية كافية لتوظيفها في هذه الصناعات المربحة، كما لدى الدول العربية مئات الآلاف من العلماء والفنيين العرب المهاجرين إلى البلدان المتقدمة "نزيف الأدمغة". 2 ـ نشر واستخدام تكنولوجيا الثقافة، وتسهيل التعامل معها والاستفادة من المعلومات نشراً واسعاً في مؤسسات المجتمع كله، في المدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية، وإتاحة الفرصة للمثقفين والعاملين في مجالات الثقافة والتعليم والإعلام، مثل هذا الاستخدام الذي يساعد في جودة الإنتاج، ومن المفارقة أن الحرفيين في بلادنا أخذوا يستخدمون تكنولوجيا المعلومات بينما لا يزال المثقفون عاجزين عنها. 3 ـ هناك غياب حتى الآن لبنوك المعلومات، وما لدى الدول العربية لا يتعدى مراكز توثيق صغيرة وجزئية الوظيفة وغير منظمة، وليست مجمّعة في بلد واحد، ويذكر أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم قد فشلت حتى الآن في تأسيس مركز معلومات عربي موحد، ويمكن اعتبار تأسيس هذا المركز وشبكة معلومات عربية وتزويده بمعلومات من إنتاجنا عن جميع شؤون حياتنا أمراً لا يحتمل التأخير أو التأجيل، ويأتي ضمن الأولويات الأولى لمهماتنا الحالية والمستقبلية. 4 ـ وضع مصطلحات عربية للمعلومات تتواءم مع حاجيات العالم العربي واستخدامه للمعلومات، وما زال الأمر في نطاق الأمنيات، ولكن هناك مراكز على مستوى قطري للمصطلحات العربية، ومقابلاتها الأجنبية أحدثت مؤخراً، وكمثال: يمكن الإشارة إلى مركز "جمعة الماجد"، للثقافة والتربية بدبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي باشر العمل على إعداد مكتنز لغوي كمبيوتري شامل، متعدد اللغات، ويضم المصطلحات العربية في ميادين الثقافة والعلوم، ومقابلاتها الإنكليزية والفرنسية، والتحليلات والعلاقات الموضوعية التي تربط بينها بهدف إفادة المكتبات ومراكز التوثيق والمعلومات في العالم العربي. 5 ـ تخزين المعاجم العربية والمعلومات التاريخية والجغرافية والمعارف والمخطوطات العربية والإسلامية، ومراكز معلومات عربية، وتصنيفها وإدخالها في شبكة المعلومات العالمية، وإعدادها للاستخدام، ويمكن القول بأنه أصبح من الممكن جمع وتصنيف تحليل ملايين الأبيات الشعرية لآلاف الشعراء العرب عبر التاريخ في برنامج معلوماتي واحد، كما أصبح في متناولنا إنتاج شريط كامل لأبي الطيب المتنبي، وهو يلقي بالصوت والصورة أبدع ما