عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
بالكيانات القطرية الهزيلة العاجزة، وحرص بعض أنظمتها عليها، إذ لا استمرار لهم من دونها.... على حين أن غير ما دولة تتجه إلى عملية دمج فيما بينها على صعد عديدة لتحقيق مصالحها.. وهذا ما نراه -مثلاً -في الوحدة الأوربية.. فإذا انتهى الأمر إلى العرب وجدنا الحرص على الدوائر السياسية المتعددة عربياً وغربياً على الدولة القطرية العربية.. ولعل هذا خلق لديها تحدياً آخر على المستوى العسكري ثم المعرفي والتقني، ليس فقط في تراكم الأسلحة المتخلفة التي قذفها الغرب إلى كل دولة؛ ولا في برامج التدريب والتعاون المشترك مع الآخر غير العربي؛ بل في الانقطاع الحاصل بين العرب، على الرغم من وجود مجلس الدفاع المشترك. فالواقع السياسي العربي يؤكد استحالة التقدم الحضاري للعرب إذا لم يتطور خطابهم السياسي الشمولي المستند إلى الحوار الديمقراطي المنفتح على الآخر والمحترم لـه.... فأبناء العربية يتعرضون -اليوم -ونحن في مطلع الألفيّة الثالثة لأعتى هجمة عدائية إمبريالية، وهي تتقوّى بحجج تفتريها عليهم كالإرهاب وغيره... وما هذا كله إلا لتبقي الأمة ممزقة لا إرادة لها ولا قوة، ولتستنزف مواردها وخيراتها وفي طليعتها الماء والبترول.. ومن هنا يصبح الأمن السياسي ملازماً للأمن الاقتصادي وكل منهما وجه للآخر؛ كالعملة الواحدة؛ وكلاهما توأم للتقدم الاجتماعي والفكري والثقافي والتقني.. فكل جائع أو عطشان لا يستطيع أن ينهض بتقدم الأمة وبناء نظامها بناءً سليماً...... فالوجود الحر الواعي الفعّال إنما يتحقق بإصلاح حقيقي ديمقراطي لنظام الحياة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً... نظام أصيل معاصر غير تابع ولا منحرف....... فروح الأمة العربية والإسلامية لا تتجلى عظمة وشفافية إلا بما يبدعه أبناؤها المميزون من أنموذج حضاري معرفي وتقني واقتصادي.. وفني ولغوي ونقدي.. وبهذا يستطيعون دفع عقول الأجيال إلى كَشْف جماليات الحياة الجديرة بالعيش، وخَلْق المواقف الكريمة والمبدئية، وتأجيج المشاعر السامية لصياغة الأخلاق الفضلى.. بعد أن تسلحوا بمنهج علمي موضوعي نزيه وسديد.. وما من مثقف محايد ونزيه وقف في محراب اتحاد الكتاب العرب إلا عاش نفحة التّصور المبدع لتطلعات العرب نحو المستقبل، وسكن في طموح الآمال العريضة لتعميق الانتماء القومي الصحيح، وبناء الإنسان العربي الواعي القادر على تجاوز كل ما يعترضه من مشكلات وصعاب، وهموم وآلام.. فاتحاد الكتاب العرب يسعى بكل ثقة وحزم إلى خَلْق رؤية عربية شمولية وموحدة لكل ما تواجهه الأمة في واقعها، والعمل على بناء تصور ناجع مستقبلي لكل قضاياها إنه يحاول جاهداً إلى تبني مواقف الأمة الثابتة والمبدئية دون قهر أو إكراه بل يدعو إلى ذلك على أساس الحوار الموضوعي الخلاّق بين أبناء العروبة؛ الحوار المفتوح والقادر على إعادة الأمل بمستقبل الأمة العربية وأخذ مكانتها الراقية من جديد في الدورة الحضارية، خَلْقاً وإبداعاً لها، ومن ثم ريادتها، لا متلقية أو مستهلكة لإنتاجاتها.. فالدورة الحضارية لا يمكن أن تتوقف إلى الأبد عند أي أمة من الأمم كما يعززه المفهوم الحضاري التاريخي. ولما كانت جمعية البحوث والدراسات واحدة من مؤسساته الفكرية والثقافية فقد سعت جاهدة إلى تحقيق أهدافه المشروعة والسامية في مختلف المجالات والآراء التي تتبناها.. في اللغة والنقد والأدب والفن.. وفي السياسة والصحافة والتقنية والاقتصاد.. وما هذه الندوة الفكرية إلا ثمرة لتلك الرؤية المعرفية الوطنية والقومية وأهدافها النبيلة، وليست -من ثم -إلا شكلاً ثقافياً من أشكال العمل الدؤوب على الأرض للوصول إلى تبني نتائجها الصحيحة المرجوة؛ لجعلها عقيدة فكرية نجتهد في تطبيقها في عقائدنا وحياتنا.... لا أن تبقى مجرد آراء للتنظير؛ فما قتل أمتنا إلا الكلام الأجوف الذي يتبناه أصحابه لمجرد التفاخر به، والإدلاء بسطوتهم فيه دون أن يكون لـه خطٌّ واقعي من التطبيق... فترف الكلام عند المثقفين غدا عادة يتبارزون بها، لينال أحدهم من الآخر، أو ليترفع عليه..... وبناءً على ذلك فإن جمعية البحوث والدراسات التزمت بأن تقدم كل ما يتصل بهموم العربي واقعاً وتطلعاً؛ ولهذا أنجزت ندوتين اثنتين تعبران عن ذلك التصور، والالتصاق بأهدافها الواقعية النبيلة.. الأولى تركزت حول مدينة السلام