عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف - نسخه متنی

حسین جمعة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فلسفة متميزة خاصة بهذه الأمة، وبحراً كبيراً يغوص فيه كل من تفاعل مع الثقافة العربية..

ولذلك نرى أن أكثر فلاسفة هذه الأمة وجامعي رواياتها، تعلموا من الثقافة العربية، وعملوا بها، وطوروها، وساهموا في وضع أهم أسسها، مع أنهم ليسوا عرباً بالمفهوم الجغرافي... فالغزالي، والفارابي، وابن سينا، وابن المقفع، والبخاري، ومسلم، وغيرهم، كانوا عرباً في ثقافتهم، مع أنهم ليسوا عرباً في أصلهم القومي..

ومما أثر في تحديد سمات المنظومة الثقافية العربية، هو خضوعها للمصلحة السياسية التي أرادها النظام السياسي العربي خادمة لبقائه كنظام يلبس ثوب الدين، وذلك منذ العصر الأموي، حيث وُجِّهت الثقافة العربية- في الكثير من جوانبها- باتجاه خدمة مصلحة تلك الأنظمة التي أعطت لنفسها قدسية مستمدة من الدين..

وفي مسألة خلق القرآن الكريم التي أثارتها المعتزلة، وما صحبها من قمع فكري وجسدي من قبل الطرفين، وفي ممارسة هذا القمع على يد رأس النظام السياسي الذي لبس ثوب الدين، لأكبر دليل على أثر الآلية السياسية للنظام العربي في توجيه المنظومة الثقافية العربية، وفي تأطيرها وتحديد أسسها..

وهكذا.. فالمنظومة الثقافية العربية كواقع متحقق في التاريخ، صاغها أبناء الأمة عبر التاريخ، وعبر تفاعلهم مع الأحداث الداخلية والخارجية، ومن جهة أخرى فإن هذه المنظومة أثرت في الهوية الفكرية لأبناء هذه الأمة... وبالتالي فإن الحديث عن فكر الأمة، وواقعها التاريخي، هو ذاته الحديث عن نتيجة فعل المنظومة العربية في أبناء هذه الأمة، وعن نتيجة فعل أبناء هذه الأمة في صوغ هوية المنظومة الثقافية العربية.

فهناك إيجابيات ساهمت في الحفاظ على الهوية الثقافية العربية، وهناك سلبيات حدّت من تطور هذه المنظومة الثقافية.. هذا ما نلمسه من الحركة التاريخية لهذه الأمة عبر تاريخها الطويل..

ويمكننا أن نلخص أهم الإيجابيات التي ساهمت في الحفاظ على الهوية الثقافية العربية بالنقاط التالية:

[1]-التمسك باللغة العربية كوعاء للثقافة العربية، وكقاسم مشترك بين جميع أفراد هذه الأمة على مختلف أديانهم ومذاهبهم.. وفي هذا السياق لا بد من ذكر الدور الكبير الذي قام به القرآن الكريم في ترسيخ هذه الوحدة اللغوية، كمعيار تُقوَّم عليه اللغة عبر التاريخ، ولا بد من ذكر دور الشعر العربي في المهمة ذاتها..

[2]-وحدة الشعور القومي لجميع أبناء هذه الأمة على مختلف أديانهم ومذاهبهم، ووحدة الثوابت والأهداف، حيث تتجلى هذه الوحدة بأسمى صورها حينما تتعرض الأمة إلى خطر خارجي، وما نراه بأم أعيننا في فلسطين العربية المغتصبة من وحدة بين جميع أبناء الشعب الفلسطيني (على مختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية) في مواجهة الغاصب، لأكبر دليل على هذه الوحدة في الشعور القومي، وفي المبادئ والأهداف..

[3]-قام القرآن الكريم بالدرجة الأولى، والشعر العربي بالدرجة الثانية، بالحفاظ على الهوية الثقافية لهذه الأمة عبر تاريخها، وخصوصاً حين تعرُّض الأمة لغزو خارجي.. فكم هم الغزاة الذين حكموا هذه الأمة وحاولوا إلغاء لغتها وهويتها الثقافية، ثم خرجوا مهزومين دون أن يفلحوا في ذلك..

فسياسات الفرنسة التي قام بها الفرنسيون لإلغاء الهوية اللغوية العربية، وبالتالي لإلغاء الثقافة العربية، وغيرها من السياسات التي حاولت وتحاول النيل من اللغة العربية والثقافة العربية.. كلها فشلت وتحطمت نتيجة تمسك الأمة بهويتها الثقافية الخاصة بها، وبلغتها التي هي لغة كتابها المقدس (القرآن الكريم)..

وقد بيّن القرآن الكريم أهميته في رفع شأن الأمة وفي الحفاظ على هويتها الثقافية واللغوية.. وإنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ ولِقَوْمِكَ وسَوْفَ تُسْأَلونَ (الزخرف: 44).. فكلمة ولِقَوْمِكَ تبين أننا (ببعدنا القومي) مدانون للقرآن الكريم، في الحفاظ على لغتنا القومية، وبالتالي في الحفاظ على أهم سماتنا الإيجابية، فكراً وثقافة..

/ 141