عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف - نسخه متنی

حسین جمعة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تاريخ البشرية مهد لها بالخطاب أمام الفعل بالكلمة أمام السلاح باللغة أمام الفتوحات وكان لكل عصر خطابه الذي يسبق فعله أو يواكبه... أي أن الفكرة يجب أن تكون مقبولة قبل تنفيذها وأن الاقتناع هو الذي يؤدي للعمل ومن هنا كانت أهمية اللغة في أي صراع بين عدويين أو خصمين أو طرفين.

ومثل ما تتجلى أهمية اللغة في حالات الحرب والصراع تتجلى كذلك في حالات التعاون والحوار ومثلما تلعب اللغة الدور الحاسم لتهيئة العقول لقبول فعل الحرب أو حالة السلام، كذلك ترسي القناعات لدى كل طرف بعدالة موقفه إزاء موقف الخصم.

وكي يجرد الاستعمار الحديث العرب من هويتهم الحضارية والثقافية ركز جهوده على مجالات أساسية منها اللغة والتعليم فحاول تدمير اللغة بالدعوة إلى العاميات كما حاول تحت مزاعم الإصلاح والتحديث تغيير نظم التعليم كي تصبح محاكاة وتقليداً للنظم الغربية وكانت النتيجة أن صار الوطن العربي في معظمه تابعاً ثقافياً للغرب... وجاء الصهاينة ليستخدموا اللغة بشكل مكثف على حين فشل العرب في استخدام اللغة خطاباً ومصطلحات سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي وظهرت في الكتابات والإذاعات الصهيونية عبارات ومصطلحات تهيئ الأذهان لقبول اغتصاب فلسطين العربية من مثل "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" و"وطن قومي لليهود" و"شعب الله المختار" و"الأرض الموعودة" و"عودة الشعب اليهودي من الشتات إلى أرضه بعد ألفي سنة"... مقابل خطاب عربي يتكلم كثيراً ويعرف قليلاً فكانت لغتنا ضدنا في كثير من الأحيان وكان خطابنا ضد قضايانا لعدم استخدام اللغة بشكل حضاري سليم.

وفي أجواء هذا الاتصال غير المتكافئ مع العدو شاعت مصطلحات وعبارات صكها الصحاينة وردّدها العرب بلا وعي فالمنطقة العربية صارت منطقة الشرق الأوسط وقضية فلسطين صارت "أزمة الشرق الأوسط".. وكثيرون يتكلمون عن "التطبيع" هذا المصطلح القبيح الوجه الذي سوقه العدو وأراد لنا أن نتعامل معه يشي بعودة العلاقات بين خصمين إلى طبيعتها بعد أن عكّرها حادث طارئ.

إن المواجهة التي يتطلبها مستقبل عربي فعال تتطلب التصدي لكثير من المصطلحات التي أُريد لنا أن نستخدمها مثل "الإبداع اليهودي". "أدب صهيوني". "إبداع صهيوني" فلو جاز لنا أن نقول إبداع يهودي أدب يهودي لجاز لنا أن نقول أيضاً إبداع مسيحي.. أو مسلم أدب مسيحي أو مسلم ولكن هذا غير موجود.

كما علينا أن نقف عند مصطلح العبقرية اليهودية التي تروج لـه الصهيونية على أنه من الخصائص الملتصقة باليهود وهذا خطأ تحاول الصهيونية تعميمه... وقد ثبت علمياً أن النبوغ والذكاء والعبقرية ليس صفات بيولوجية لاصقة بنوع بشري أو عرق بقدر ما هي النتاج الموضوعي لأساليب التربية والتعليم ولإطار حضاري ما، أي أن الفروق بين البشر هي ثقافية وليست بيولوجية.

إن أحد أساليب المواجهة الثقافية لبناء المستقبل هو أن يكون لنا استقلالنا التاريخي التام كما يعبر (غرامشي) إذا لا نستطيع أن نواجه العدو ونصمد كي يكون لنا مستقبل ونحن غارقون في ما ينتجه هذا العدو من مصطلحات ونحن نستخدم هذه المصطلحات، إن التحرر من هيمنة الخطاب المعادي الأمريكي الصهيوني شرط لمواجهة ثقافية فاعلة وإلا صارت مواجهتنا محكومة سلفاً بالنموذج الذي نحاول مواجهته أو تصب في القيم التي يتوخاها الأعداء.

منذ مطلع القرن العشرين نبه النهضويون العرب مثل ساطع الحصري وزكي الأرسوزي إلى فكرة أن اللغة هي الأمة لأنه عندما تُزاحُ اللغة تزاح معها كل حمولاتها الثقافية والحضارية.

منذ وقت قصير حذر "جاك لانج" وزير الثقافة الفرنسي من خطورة الاستيلاء على اللغة الذي هو مقدمة لإلغاء هوية أصحابها وبين أن اللغة الفرنسية حاملة ثقافة فرنسا ووعاء هويتها الإنسانية والتاريخية في خطر.

ونتساءل لماذا لا نتعامل مع لغتنا كما يتعامل الفرنسيون مع لغتهم، لماذا تتحمس بعض الدول العربية للفرانكوفونية ولا تُبدي الحماسة نفسها لحراسة اللغة العربية وحفظ ثقافتها، وهي أولى بالرعاية خصوصاً وهي أكثر انتشاراً من اللغة الفرنسية وليس أقل غنىً؟

/ 141