عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف - نسخه متنی

حسین جمعة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

في أحد أبرز أعمال محمود درويش الشعرية (الجدارية) يعتبر أن الموت هو موت اللغة وعدم القدرة على النطق حين كتب على ورقة الطبيب لقد فقدت اللغة أي لم يبق مني شيء.

وإذا كانت هذه القصيدة- الجدارية- إشارة إلى صراع مع تجربة موت شخصي فكان تعاملنا مع اللغة العربية إشارة إلى حالة صراع جماعي ضد موت الهوية والمعنى كمقدمة لإخراجنا من التاريخ.

التربية صناعة المستقبل

التربية هي زراعة البشر من أجل الإثمار في الغد، هي صناعة المستقبل في الحاضر.. وهي المنطلق الأساس لأي تفكير مستقبلي.. بخاصة أن التطورات المذهلة التي شهدتها العقود الأخيرة قلبت الأشياء رأساً على عقب فما كان ميزة في السابق تحول إلى عيب إذ ذهب الزمان الذي احتلت فيه الموارد الأولية الدرجة الأولى في المنافسة، وجاء زمان صارت فيه قوة العمل والتعلم هي السلاح التنافسي الأول.

إن التفكير بصناعة المستقبل يقتضي منا تعديل أساليب تربية الحاضر التي جعلت من تاريخنا وثقافتنا عبئاً علينا، يكرس تخلفّنا، لا عوناً لنا على حث الخطا، واللحاق بركب التقدم. "لأن أساليب التربية في معظم أقطار الوطن العربي ترتكز في مراحلها المختلفة على قيمة الحفظ وتقديس المكتوب ولا شيء غير ذلك" ...

صار الحفظ من أبرز آفات ثقافتنا العربية التي نتعامل معها بمقياس الكم لا النوع فصرنا نلجأ إلى التكديس لا البناء كما يقول "مالك بن نبي".

تربية المواجهة التي هي صناعة لمستقبل في الحاضر، هي تدريب الأجيال على التفكير الخلاق، كي تخرج من أُطر التلقين التي خرّجت أجيالاً مشوهة تنتهي علاقاتها بما لُقنّتهُ بعد تفريغه على ورقة الامتحان مباشرة... هذا اللون الجديد من التربية مثلما هو صناعة المستقبل انطلاقاً من الحاضر؛ هو أيضاً أسلوب في المواجهة، يحتاج إلى وقت وجهد وصبر لأن الإنسان لا يتكون آلياً أو يصير كما نريد بقرار.. والتربية الحقيقية هي التي تصنع الإنسان بهدوء لأنه- أي الإنسان- هو البدْءُ والأصل والانتهاء مهما كانت قوة البلد أو مقدراته.. والأمثلة كثيرة ولعل أبرزها اليابان وألمانيا التي أجهزت الحرب العالمية الثانية على الأساس الصناعي لهما، إلا أن نوعية الإنسان أعادت البنيان القوي في فترة قصيرة جداً لا تكاد تحسب بعمر الشعوب.

التربية التي نراها طريقاً للمستقبل المنشود هي التي تفرق بين الاستهلاك المجدي الذي يُسهم في زيادة الإنتاج المادي والمعنوي، والاستهلاك اللامجدي الذي قادنا إليه الغزو الثقافي ومن ثم الأمركة أو العولمة التي تحاول تعميم نمط معين من الاستهلاك على الشعوب تسود فيه السلع الكمالية والوسائل الترفيهية ويسيطر نمط "المجتمع الاستهلاكي" الذي يقمع "المجتمع الإنتاجي" ويجهض فعالياته. ويُبدّد قيمه لتسود قيم الرأسمالية المتوحشة التي تضع الفرد قبل المجتمع والاستهلاك قبل الإنتاج والمال قبل القيم.

منذ أوائل القرن العشرين- رأى ساطع الحصري أن وظيفة التربية هي علاج التأخير والنقائص الكبيرة التي ابتلي بها مجتمعنا العربي.. باعتبار أن التربية عملية تكون شاملة لشخصية الإنسان ذي العقل والإرادة.. والتريبة الجيدة لا تكون إلا بإنماء هذه الخصال وليست بإطفائها.

التربية التي نراها بوابة عبور إلى المستقبل الذي نريد، هي التي تنقلنا من المجتمع الأهلي الذي ينقسم أفراده في انتماءاتهم وولاءاتهم إلى قبائل وعشائر أو طوائف دينية، حين يضعف شعورهم بالانتماء إلى الوطن ككيان واحد.. فيتحول الأفراد في المجتمع الأهلي إلى أفراد متحيزين متعصبين يتكتلون وراء عشائرهم وطوائفهم في حياتهم العامة وخاصة في اللحظات الحاسمة.

نقول تنقلنا إلى المجتمع المدني الذي تحل فيه مشاعر الانتماء الوطني- القومي محل الانتماء القبلي الطائفي.

بالتربية الحقيقية يتغير الإنسان العربي على اعتبار أن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما في أنفسهم... وقد أشار "أحمد زويل" العالم المصري الذي حاز على جائزة

/ 141