إن المستقبل الذي نتطلع إليه يقوم على مفهوم التنمية ا لشاملة بحيث لا تصنعُهُ التطورات الاقتصادية وحدها، أو القوة العسكرية وحدها... أو... بل يقوم في إطار تصّور حضاري شامل يقوم على إشباع الحاجات الأساسية للمواطن والمشاركة الشعبيّة والمحافظة على توازن الإنسان والبيئة والحفاظ على الهوية القومية في كل منحى من مناحي الحياة. ولن يتحقق هذا النمط من التنمية سوى في إطار من الاعتماد الجماعي على النفس ضمن المجموعة العربية وما يتبع ذلك من الانسلاخ التدريجي من إسار النظام العالمي وآلياته وشبكاته الأخطبوطية.(1). سادت في حياتنا مفاهيم ومصطلحات وتصّرفات غيّبت الجماهير فأوصلتنا إلى ما نحن فيه.. ونرى أن المستقبل المأمول يدعونا لأن نفسح مكاناً متميزاً وهاماً للجماهير الشعبية... لأن التجارب أثبتت أن هذه الجماهير تضطلع بدور كبير في صناعة التاريخ والمستقبل ولاسيما في محطات التحول والفوران التاريخي إذا وفرنا لها الجو الديمقراطي الذي تصبح المواطنة فيه، هي أساس العلاقة بين المواطنين. إن إشراك الجماهير الشعبية في صُنع المستقبل المواجهة المشرق يقتضي منا أن نحافظ على تراثها الشعبي ونصونه من عبث الأعداء وسرقاتهم. تروي الدكتورة (لطيفة الزيات)، فتقول:"......عندي الآن كتاب عنوانه "الحكايات الشعبية اليهودية في مراكش"، قرأتُ الكتاب الذي قدّم للحصول على جائزة كنتُ أنا عضوة محكمة فيها (أي في لجنة التحكيم)... اكتشفت أن هذه القصص، قصصنا لُويت أعناقُها كي تصبح قصصاً يهودية... إلى حد أن مؤلف الكتاب وجد صُعوبة في أن تُروى هذه الحكايات باللغة العبرية، لأن أهل مراكش من اليهود يحفظونها باللغة العربية، وباللهجة المراكشية".. كما تقدم إسرائيل دائماً رقصة الدبكة العربية الفلسطينية الشهيرة في الاحتفالات على أنها إحدى رقصّاتها الفولكلورية. وهناك نسخ معدلة من القرآن الكريم حذفت منها الآيات التي تمس اليهود متاحة للجميع عبر المواقع التي تدشنها إسرائيل على الانترنيت بين الفترة والأخرى. إن الحرص على التراث بكافة جوانبه هو تحصين الذات العربية وإعادة بنائها