عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
إنه عصر العولمة وما تحمله من تحديات في مجال (ثورة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات)، وفي هذا الصدد يذكر بيل جيتس (B.Cates)، صاحب شركة ماكروسوفت، وأغنى أغنياء العالم الذي تصل ثروته إلى أكثر من مئة /100/مليار دولار، يذكر في كتابه (طريق المستقبل) (The Road Ahead) أن الثورة الحقيقية للمعرفة لم تبدأ بعد. إن التحديات التي يتعرض لها وطننا العربي كثيرة ومتنوعة ومتشعبة، وهي تشمل ميادين الحياة كافة وإنه من الصعوبة بمكان أن يلم بها المرء عبر محاضرة محددة، والذي يهمنا هو أن نلقي ضوءاً على بعض من هذه التحديات والتيارات المعادية تتناول بعضاً من الجوانب المعرفية والثقافية والتربوية للشخصية العربية ونبين كيفية تصدي الإنسان العربي لها من خلال مواكبته لعصر العلم والتقانات وإيجاد قنوات قادرة للوقوف في وجه التحديات والتيارات المعادية عن طريق الإعلام والمؤسسات التربوية. ثانياً ـ التحديات والتيارات المعادية التي تواجه الإنسان العربي: أ ـ القصور عن مواكبة عصر العلم والتقانة: إننا نواجه مستقبلاً يحتاج إلى درجة رفيعة من التعليم، وذلك لأن حضارة المستقبل تتطلب جماهير لا يقف بها تعليمها وثقافتها عند محو الأمية (الذي لم ننجح حتى الآن في تحقيقه) لأن الوطن العربي وهو يلج بوابة القرن الجديد يحمل /70/ مليوناً من الأميين بنسبة قدرها 40% من السكان، وهم جميعاً متوضعون في أحزمة الفقر والمناطق النائية والمحرومة والمعزولة وبين الأقليات مثل البدو والقبائل واللاجئين وخاصة الفئة العمرية من 15 ـ 45 سنة وخاصة بين النساء والفتيات. ومما هو جدير بالذكر أن ذلك لا يقتصر على التعليم الأساس الذي لا يستوعب كل الملزمين بل يفوق هذا بكثير، بحيث تمحى الأمية تماماً، وتصل غالبية الجماهير إلى نهاية التعليم الثانوي، ويحصل ثلثها على الأقل على تعليم عال. ومع كل ذلك فالأمية لم تعد مقتصرة على التي ذكرناها (القراءة والكتابة)، على الرغم من أهمية تجاوزها، وإنما أصبحت متعددة الوجوه (كالأمية اللغوية والأمية المعلوماتية واستخدام الحاسوب وشبكات الاتصالات الإلكترونية كالإنترنت وغير ذلك)، مما تفاجئنا به التقانات العلمية الحديثة التي هي من إبداعات الإنسان وقدراته العقلية، ومن معطيات الحضارة الجديدة التي تدعونا مع كل يوم إلى التعامل معها من خلال وجهها العلمي الصحيح وليس غير ذلك. ولقد أكد (توفلر) في كتابه "مدارس المستقبل" عام 1970 وفي كتابه "صدمة المستقبل" عام 1975 وفي كتابه "الموجة الثالثة" عام 1981، أن دراسة المستقبل خطوة أساسية لفهم الحاضر وإدارة أزمانه، ودعا إلى تغيير جذري في أهداف التعليم ومضامينه لتعليم الإنسان كيف يفكر وليس فيما يفكر، ويتعلم كيف يتعامل مع التغير السريع وما يصاحبه من غموض وعدم وضوح بل وفوضى في بعض الأحيان، ويقول (توفلر) في العالم التقاني الجديد سوف تتعامل الآلات مع المواد بينما يقتصر تعامل الإنسان مع المعلومات والأفكار. ب ـ عدم القدرة على التصدي للتيارات المعادية التي تستهدف الشخصية العربية وقيم الشباب العربي: تترك التيارات المعادية وعن طريق قنواتها الرئيسية آثاراً سلبية في قيم وممارسات الشباب في الوطن العربي، وهي تتخذ في ذلك أشكالاً ومشارب شتى ومختلفة ولكنها في النهاية تستهدف الإساءة لتفكير الشباب ووحدتهم وقيمهم وتراث أمتهم. لقد حاولت هذه التيارات تكريس وشيوع شعور الانبهار بالغرب بين الشباب من خلال تقديم صور مشرقة وبأساليب مشوقة ومتنوعة عن النظام الغربي وأساليب الحياة وأنماط المعيشة في مجتمعاته وصيغ ومجالات العمل في مؤسساته المختلفة، ولهذا الانبهار آثاره السلبية على المجتمع العربي، إذ تنجم عنه مظاهر اجتماعية معوقة للتغير الاجتماعي والثقافي المخطط، ذلك أنه يؤدي بالمجتمع المنبهر إلى أن يصبح في ثقافته وأسلوب تفكيره وسلوكه أسيراً للمجتمع الآخر حيث تضمر قابليته للإبداع ويميل إلى الاستكانة والخنوع وتتردى مكانته وتنخفض قيمته بين المجتمعات.