مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام - جلد 4

جواد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وقد فشا اللحن وانتشر حتى بين العلماء،
وبين علماء النحو واللغة أيضاً، حتى غلط
بعضهم بعضاً، ونسب بعضهم اللحن إلى البعض
الآخر، قال "ابن فارس": "وقد كان الناس
قديماً يجتنبون اللحن فيما يكتبونه أو
يقرأونه اجتنابهم بعض الذنوب. أما الآن،
فقد تجوزوا حتى إن المحدّث يحدث فيلحن،
والفقيه يؤلف فيلحن، فإذا نُبّها قالا: ما
ندري ما الإعراب ! وانما نحن محدثون
وفقهاء". ولما كثر اللحن في الحديث، جوزوا
إعرابه. قال "الأوزاعي": "لا بأس بإصلاح
اللحن والخطأ في الحديث"، وقال أيضاً:
"أعربوا الحديث فإن القوم كانوا عرباً".
وقال "النضر بن شميل": "كان هشيم لحاناً،
فكسوت لكم حديثه كسوة حسنة، يعني
بالإعراب".

وبعد، فقد رأيت من روايات أهل الأخبار
أنفسهم، أن اللحن لم يكن قاصراً على
العجم، بل كان قد عرف بين العرب كذلك، وعلى
هذا يجب ألا نلقي مسؤولية ظهوره على
الأعاجم، بل على العرب أولاً، لأنهم هم
الذين بدأوا باللحن، بدأوا به قبلهم بأمد
طويل، لحنوا في الجاهلية، أي قبل دخول
العجم في اإسلام. فنحن نظلم الأعاجم اذن،
إن ألقينا على عاتقهم مسؤولية إشاعة اللحن
بين العرب. ولكن هل يعقل وقوع اللحن من عرب
كالجاهليين، ومن شعراء فحول، استمد علماء
اللغة قواعد النحو والصرف من شعرهم مثل
"النابغة "الشاعر المعظم، أو من غيره ؟ لقد
سبق أن ذكر علماء اللغة أن العربي، لا يزال
في كلامه وحاشا له أن يلحن أو يخطئ في
لسانه، لأنه إذا تكلم عن سليقة وطبع، وقد
حماه الله من الوقوع في زلل الكلام ! إذن
فكيف نفسر ما ذكروه من وقوع النابغة في
اللحن، ومن وجود الإقواء في شعره وفي شعر
غيره، ومن ظهور اللحن في أيام الرسول ؟ هل
نرجع ذلك إلى خطأ الرواة في رواية شعر
النابغة وأمثاله، أو نرجع ذلك إلى
التزوير، فنقول إن ذلك الشعر مفتعل، وإنه
ليس من شعر النابغة، وإنما هو شعر منحول
وضع عليه، ومن ثم وقع الخطأ.

ولكن الذي
نعرفه أن من كان ينحل العرب الشعر وينسبه
للجاهليين، كان من أتقن الناس لشعر
الجاهلية ومن أعرف الناس بالعربية، ومن
البارعين الحاذقين بقواعدها، وأناس على
هذا الطراز من الفهم والعلم، هل يعقل وقوع
مثل هذا الغلط منهم ؟ أو هل نرجع ذلك إلى
الخطأ في التدوين والاستنساخ، ولكن كيف
غفل العلماء من النص على ذلك ؟ وجوابي أن
القول بأن اللحن بمعنى الخطأ في الكلام،
يستوجب وجود لغة فصيحة ذات قواعد نحوية
وصرفية مقدّرة ومقننة وثابتة تعدّ اللغة
الفصيحة العالية في نظر أصحابها، من يخالف
قواعدها يعدّ لحاناً لا يحسن القول و لا
الكلام.

وهو قول لا يعارضه أحد بالنسبة إلى
وجوده في الإسلام، بعد أن فرض الإسلام دين
الله على المؤمنين به كتاباً سماوياً
ولساناً عربياً مبيناً، تثبتت قواعده
نحوه وصرفه في الإسلام. فمن سار عليها عدّ
فصيحاً، ومن خالفها عد لحاناً عامياً. أما
بالنسبة لأهل الجاهلية، فالقول بوجود
اللحن عندهم، يقتضي التسليم بوجود لغة
فصيحة عليا لديهم، لها قواعد مقررة، من
تكلم وفقها عد فصيحاً، حسب درجة إعرابه
وملكته في اللغة، ومن خالفها عد عامياً
جلفاً. وقد أكد علماء اللغة، وجود هذه
العربية الفصيحة، التي هي عندهم عربية
قريش، عند ظهور الإسلام، وقالوا: إن بها
كان نزول عربية القرآن، وبها نظم الشعر
الجاهلي، وبها نثر الكلام الجاهلي
المنثور. أما اللحن، فقد أنكروا وجوده،
ولم يسلموا بوقوعه، وحجتهم ما ذكرته من أن
العربي فصيح بطبعه، إذا تكلم تكلم عن سجية
فيه وسليقة، لم يلحن و لم يخطئ في كلامه في
الجاهلية، إلى أن كان الإسلام، فاختلط
العرب بالأعاجم، ودخل الغرباء بين العرب،
ففسد الطبع وظهر الخطأ في اللسان، وفشا
اللحن.

وقد يعقل تصور وجود هذه العربية الفصحى،
إذا افترضنا - مع المفترضين الأخباريين -ان
تلم العربية، هي عربية أهل مكة ومن عاش
حولهم، وانها كانت عربية قريش، وأن
المتكلمين بها كانوا بشراً عصموا عن الخطأ
في اللسان وجبلوا على التكلم بها على
الفطرة، ولكننا لا نستطيع القول انها كانت
عربية كل عرب جزيرة العرب، إذ رأينا العرب
الجنوبيين، وقد كانوا يتكلمون بلغات
أخرى، ووجدنا عرب أعالي الحجاز، ولهم
ألسنة تباين عربية القرآن، ورأينا
للقبائل لهجات، تختلف بدرجات عن هذه
العربية. فكيف يتصور اذن اتفاق العرب كلهم
على التكلم بلسان قريش، وبغير خطأ أو زلل
في اللسان.

وفي نفي علماء اللغة وجود اللحن عند
الجاهليين تعارض مع رواياتهم القائلة
بوجود الإقواء والأكفاء في شعر بعض
الشعراء الجاهليين، وبلحن "النابغة" في
قوله:

/ 456