التصحيف والتحريف - مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام - جلد 4

جواد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وكما كان لهم فضل على الشعر في تدوينه
وتخليده، فكذلك كان لهم يد في إفساده وفي
غشه وتزييفه. فقد كان منهم من يخلط في
الشعر، ومنهم من كان يضيف عليه أو ينقص
منه، أو يصنع الشعر فينحله الشعراء، ولما
قيل للحطيئة، وهو من المخضرمين أوص قال:
"ويل للشعر من الرواة السوء". وفي قول هذا
الشاعر الخبير بدروب الشعر وفنونه، شهادة
كافية على ما كان لرواة الشعر من أثر في
رواية الشعر، غير إن منهم من كان يحسن
الشعر ويقومه، ذكر عن"ابن مقبل" قوله: "إني
لأرسل البيوت عوجاً، فتأتي الرواة بها قد
أقامتها".

وقد تحدث "الجاحظ" عن رواة الشعر في ايامه،
وعن ألوان الشعر التي كان الرواة يبحثون
عنها، فقال: "وقد ادركت رواة المسجدين
والمربديين ومن لم يرو أشعار المجانيين
ولصوص الاعراب، ونسيب الاعراب، والارجاز
الاعرابية القصار، وأشعار اليهود،
والاشعار المنصفة، فإنهم كانوا لا يعدونه
من الرواة. ثم استبردوا ذلك كله ووقفوا على
قصار الحديث والقصائد، والفقر والنتف من
كل شيئ. ولقد شهدتهم وما هم على شيئ أحرص
منهم على نسيب العباس بن الأحنف، فما هو
إلا أن أورد عليهم خلف الاحمر نسيب
الاعراب، فصار زهوهم في شعر العباس بقدر
رغبتهم في نسيب الاعراب. ثم رأيتهم منذ
سنيات، وما يروي عندهم نسيب الاعراب إلا
حدث السن قد أبتدأ في طلب الشعر، أو فتياني
متغزل.

وقد جلست إلى أبي عبيدة، والاصمعي، ويحيى
بن المنجم، وأبي مالك عمرو بن كركرة مع من
جالست من رواة بغداديون، فما رأيت احداً
منهم قصد إلى شعرٍ فأنشده، وكان خلف يجمع
ذلك كله.

ولم أر غاية النحويين إلا كل شعر فيع
إعراب. ولم أر غاية رواة الاشعار إلا كل
شعر فيه غريب أو معنى صعب يحتاج إلى
الاستخراج. ولم أر غاية رواة الأخبار إلى
كل شعر فيه الشاهد والمثل".

التصحيف والتحريف

اصل التصحيف أن يأخذ الرجل اللفظ من
قرائته في صحيفة، ولم يكن سمعه من الرجال
عن الصواب. وقد وقع فيه جماعة من الأجلاء
من ائمة اللغة وأئمة الحديث، حتى قال
الامام أحمد بن حمبل: من يعرى من الخطأ
والتصحيف؟ قال ابن دريد: صحف الخليل بن
أحمد، فقال: يوم بغاث بالغين المعجمة،
وانما هو بالمهملة. أورده "ابن الجوزي". وهو
شئ لا يمكن وقوعه من الخليل، صاحب العلم
الغزير باحوال العرب، وقد يكون من فعل
النساخ، إن صح كلام "ابن الجوزي"، فنسب
التصحيف إلى الخليل.

وسبب الخط، إما لتشابه الحروف، وإما بسبب
وجود الحركات، فمن النوع الاول حديث ينسب
إلى الرسول هو: "تسمعون جرش طير الجنة"،
وكان "الاصمعي" قد سمعه في مجلس "شعبة"،
فقال "جرس" بالسين لا بالشين. ومن هذا
القبيل: ما وقع من تصحيف في شعر للحطيئة هو
قوله:




  • وغررتني وزعمت
    انك لابن بالصيف تامر



  • انك لابن بالصيف تامر
    انك لابن بالصيف تامر



أي كثير اللبن والتمر، وقد قرأ:




  • وغررتني وزعمت انك
    لاتني بالضيف تامر



  • لاتني بالضيف تامر
    لاتني بالضيف تامر



أي لا تتوانى عن ضيفك بتعجيل القرى اليه.

ومثل ذلك تصحيف الاصمعي في بيت لأوس:




  • يا عام لو صادفت أرحامنا
    لكان مثوى خدك الاخرما



  • لكان مثوى خدك الاخرما
    لكان مثوى خدك الاخرما



فقرأه "الاحزما"، وانما هو "الاخرما"
بالراء، وهو طرف أسفل الكتف. ومن ذلك ما
وقع بين الاصمعي والمفضل عند "عيسى بن
جعفر"، فقد ناظر "المفضل" الاصمعي، بان
أنشد بيت أوس بن حجر:




  • وذات هدم عار نواشيرها
    تصمت بالماء تولباً جذعاً



  • تصمت بالماء تولباً جذعاً
    تصمت بالماء تولباً جذعاً



فقال له الاصمعي: "هذا التصحيف، لا يوصف
التولب بالإجذاع، وانما هو جدعها. الجدع:
السيئ الغذاء. قال: فجعل المفضل يشغب، فقلت
له: تكلم كلام النمل وأصب. لو نفخت في شبور
يهودي ما نفعك شيئاً".

وقرئ يوماً على الاصمعي في شعر أبي ذؤيب:
بأسفل ذات الدير أفرد جحشها .

فقال أعرابي حضر المجلس للقارئ ضل ضلالك
أيها القارئ! انما هي ذات الدبر، وهي ثنية
عندنا، فأخذ الاصمعي بذلك فيما بعد.

/ 456