الخمر والشعر - مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام - جلد 4

جواد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الخمر والشعر

وقد كان الشعراء يقبلون على شرب الخمر،
إقبال أكثر الجاهليين على شربها لتنسيهم
همومهم وفقرهم، حتى أن منهم من كان يبيع ما
عنده ليشتري الخمر. وقد كان الشعراء يشربون
ليستوحوا الوحي من الشرب، حتى ان الأعشى
لما قدم ليسلم، فقيل له ان الإسلام يحرم
الخمر، توقف، ولم يسلم، إذ شق عليه هذا
التحريم، ولم يتمكن بعضهم من تركها،
فحدّوا على شربها. وقد هرب "ربيعة بن أمية
بن خلف" الجمحي، من بلاد الإسلام ولحق
بالروم، لأن عمر جلده الدّ في الخمر، وكان
من آنف العرب وأسخاهم، فحلف أن لا يقيم
بأرض حد فيها و لا يدين من حده، فحمله
الأنف إلى أن يأتي الروم فمات بها
نصرانياً. ويروى انه قال:




  • لحقت بأرض الروم غير مـفـكـر
    فلا تتركوني مـن صـبـوح مـدامة
    إذا أمـرت تـيم بـن مـرة فـيكـم
    فإن يك اسلامي هو الحق والـهـدى
    فإني قـد خـلّـيتـه لأبـي بـكـر



  • بترك صلاة من عشاء و لاظـهـر
    فما حرم الله السلاف من الـخـمـر
    فلا خير في أرض الحجاز ولا مصر
    فإني قـد خـلّـيتـه لأبـي بـكـر
    فإني قـد خـلّـيتـه لأبـي بـكـر



ويذكر "المعري" انه قد جرى له مع "أبي بكر"
خطب، فلحق بالروم. د

شيطان الشاعر

ولابد لي هنا من أشير إلى ما كان يعتقده
الجاهليون من أن الشعراء كانوا يستلهمون
وحيهم بالشعر من "شيطان"، كنّوا عنه
ب"شيطان الشاعر". فقالوا: "لكل شاعر شيطان".
وهم يعبرون بذلك عن الحس الذي يصيب كل
انسان حساس شاعر عندما يهز مشاعره وإحساسه
شيء ما يؤثر عليه فيستولي على عقله وشعوره
ويستهويه، ولا يتركه يستقر ويهجع حتى يعبر
عن شعوره هذا الذي سيطر عليه وملكه، بشعر
يأتيه وكأنه وحي ينزل عليه تنزيلاً،
وعندئذ فقط يستقر ويهجع، بعد أن يكون قد
نسب هذا الشعور المرهف الذي ألمّ به إلى
وحي "شياطين الشعر".

وكان الكهناء، يقولون في الجاهلية:إن
الشياطين كانت تأتيهم، فهم مثل الشعراء
يعتقدون بأن وحياً يوحى اليهم بما يقولونه
للناس، يتجلى لهم على صورة "رئي"، الرئي
يقول سجعاً، والشيطان ينظم شعراً.

وقد بلغ من اعتقاد بعضهم بوجود "شياطين
الشاعر" أن رووا قصصاً تذكر كيف أن "شياطين
الشعر" كانوا يعلمون الشعراء قول الشعر
حين ينحبس الشعر عنهم وحين تقف قريحتهم
حتى ليصعب على الشاعر أن ينظم بيتاً
واحداً، حتى إذا حار في أمره، استجار
بشيطانه وتوسل اليه لإنقاذه من محنته،
فيرق شيطانه عليه، ويلقي عليه الشعر إلقاء
فيأتي على لسان الشاعر وكأنه سيل متدفق.
ولاعتقاد الشعراء هذا بوجود قرين لهم من
الشياطين، أو من الجن، سموا شياطينهم
بأسماء، فكان اسم شيطان الأعشى "مسحلاً"،
وقيل تابعه وجنيّه الذي كان يوحي اليه
بالشعر. كما أشار هو اليه في شعره:




  • دعوت خليلي مسحلاً، ودعوا
    له جهنام، جدعاً للهجين المذمّـم



  • له جهنام، جدعاً للهجين المذمّـم
    له جهنام، جدعاً للهجين المذمّـم



وللأعشى أشعار أخرى ذكر فيها فضل شيطانه
عليه في قول الشعر. من ذلك قوله:




  • وما كنت ذا قولٍ ولكن حسبتنـي إذا
    خليلان فيما بيننـا مـن مـودةٍ
    شريكان جنيّ وإنـس مـوفـق



  • مسحل يبري لي القول أنطق
    شريكان جنيّ وإنـس مـوفـق
    شريكان جنيّ وإنـس مـوفـق



وجنيّه هو الذي حباه بموهبة الشعر، وبفيض
الخواطر، ينظمه كلاماً محبوكاً، فهو
يشكره ويفديه بنفسه:




  • حباني أخي الجنيّ نفسي فداؤه
    بأفيح جيّاش العشيّات مرجـم



  • بأفيح جيّاش العشيّات مرجـم
    بأفيح جيّاش العشيّات مرجـم



واسم هاجس الأعشى وشيطانه "مسحل بن
أوثاثة"، وكان هو الذي يلقي الشعر على لسان
الأعشى. وقد رآه "الأعشى"ودخل خباءه وهو من
شَعر، وكان الأعشى في أول أرض اليمن يريد
الذهاب إلى "قيس بن معدي كرب "بحضرموت. فضل
طريقه، فأبصر هذا الخباء، فذهب اليه،
وسأله الشيخ أن ينشده شعراً، فكان إذا تلا
عليه مطلع القصيدة أوقفه، واستدعى جارية
من جواريه لتتلو عليه بقية القصيدة، حتى
سقط في يدي الأعشى وتحير، وأغشته رعدة،
فلما رأى الشيخ ما حل به، قال: "ليفرج روعك
أبا بصير، انا هاجسك مسحل بن أوثاثة الذي
ألقى على لسانك الشعر". ثم ودعه وأرشده
الطريق.

/ 456