فلأهدين مع الرياح قصيدة
مني مغلغلة إلى القعقاع
مني مغلغلة إلى القعقاع
مني مغلغلة إلى القعقاع
الجاهليون، بمعناها المفهوم. وقد بحث في
أصلها علماء اللغة، وذهبوا في تفسيرها
مذاهب. وللمستشرقين كلام في أصلها وفي
معناها. ذهب بعض منهم إلى أنها من القصد
والغرض، وإنها قيلت في شعر الطلب أولاً،
ثم أطلقت على كل شعر آخر، ولهذا اقترح
بعضهم ترجمتها ب"شعر الطلب" أو "شعر
التسول"، و عارض هذا التفسير بعض آخر، لأن
التسول في رأيهم لم يكن الغرض الأول من نظم
الشعر، وإنما كان غرضاً من أغراضه، ثم إن
أقدم الشعراء الذين قصّدوا القصائد لم
يكونوا من الشعراء المتسولين، وإنما
كانوا من المترافعين المتعالين، ولهذا
رفضوا تفسير القصيد بشعر التسول والطلب،
وقال "بروكلمن": "إذا صح ان لفظ القصيد بعيد
القدم، فمن الممكن أن يكون الغرض والقصد
بحسب الاصل غرضاً من أغراض السحر، وكثيراً
ما صار غرضاً سياسياً في وقت متأخر، ثم صار
يستعمل بأوسع معاني الكلمة في جميع أغراض
الحياة الاجتماعية، وان كان من الحق أنه
استعمل أيضاً منذ عهد قديم في أغراض
أنانية محضة".وتعرف "القصيدة" ب"القافية" كذلك. واستشهد
العلماء على ذلك بقول الخنساء:
فنحكم بالقوافي من هجانـا
ونضرب حين تختلط الدماء
ونضرب حين تختلط الدماء
ونضرب حين تختلط الدماء
نبئت قافية قيلت تنـاشـدهـا
قوم سأترك في أعراضهم ندبا
قوم سأترك في أعراضهم ندبا
قوم سأترك في أعراضهم ندبا
فنحكم بالقوافي من هجانـا
ونضرب حين تختلط الدماء
ونضرب حين تختلط الدماء
ونضرب حين تختلط الدماء
"قال الأزهري:العرب تسمي البيت من الشعر
قافية، وربما سمّوا القصيدة قافية،
ويقولون رويت لفلان كذا وكذا قافية.
والقافية هي "ميقف"في العبرانية.وأطلقت على القصيدة لفظة "كلمة"، وقد
استعملها "ابن سلام" في مواضع من كتابه
"طبقات الشعراء". فتجده يقول: "ومن شعر حسان
الرائع الجيد ما مدح به بني جفنة من غسان
ملوك الشام في كلمة"، ثم ذكر القصيدة، ثم
يقول: "وقوله في الكلمة الأخرى الطويلة"، و
"قال في يوم أُحد كلمة قال فيها"، ويقول
"وكان أبو الصلت يمدح أهل فارس حين قتلوا
الحبشة في كلمة قال فيها"، و "السموأل بن
عادياء يقول في كلمة له طويلة"، ووردت في
مواضع عديدة أخرى بهذا المعنى وفي بقية
كتب الشعر والأدب.وتتألف القصيدة من أبيات. والبيت هو بيت
الشعر. ويتكون البيت من شطرين. و "الشطر"
نصف الشيء. فشطر البيت نصفه. والبيت في
القصيدة الجاهلية وحدة معنوية مستقلة
قائمة بذاتها، إذا انتزعت بيتاً منها، أو
تركت بيتاً، أو قدمت فيها بيتاً على بيت،
أو أخرت في أبياتها، فأنك لا تكاد تفصم عرى
القصيدة ولا تؤثر على ترابط معناها في
الغالب، لأن كل بيت منها وحدة قائمة
بذاتها لا تتصل بما قبلها أو بما بعدها إلا
بسبب الوزن والقافية.وقد عرفت بعض الأبيات بالأوابد. والأوابد
من الشعر: الأبيات السائرة كالأمثال. وذكر
أن الأوابد الشوارد من القوافي، ورد في
كتب اللغة: "ومن المجاز أبد الشاعر يأبد
أبوداً، إذا أتى العويص في شعره. وهي
الأوابد والغرائب وما لا يعرف معناه على
بادئ الرأي".وتكون القصائد طويلة في الغالب نأما
"القطع"، فهي أقصر من القصيدة. وقد كان "ابن
الزبعري"، لا ينظم القصائد الطوال، ويميل
إلى القطع، وكان عذره "ان القصار أولج في
المسامع، وأجول في المحافل".
وللشعراء
الطوال والقصار، كل حسب المناسبة. وقد
اختتمت بعض القصائد الجاهلية بالحكم
والأمثال وبالأقوال المأثورة. وللقصائد
الطوال المحبوكة حبكاً حسناً، والمنظومة
نظماً جيداً، سابقة وقدم على مثيلاتها من
القصائد الوسط أو القصيرة، ومن هنا اختار
"حماد" الراوية "السبع الطوال" "السبع
الطول" من الشعر الجاهلي، وزعم في أصلها ما
زعم. ونظم القصيدة الطويلة، يحتاج إلى نفس
طويل، والى تمكن من الشعر، وإلا أصابها
الوهن والعجز، ومن هنا عدّ أصحاب
المطوّلات الجيدة من أحسن الشعراء.