مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
وانها كانت تحفظ من شعر كعب بن مالك شعرا
كثيرا، منها القصيدة فيها اربعون بيت ودون
ذلك، وكانت تتمثل بالاشعار، وربما دجل
عليها رسول الله، فوجدها تنشد الشعر. قال
"ابو الزناد": "ما رأيت أحدا اروي لشعر من
عروة. فقيل له: ما ادرا، فقال: روايتي في
رواية عائشة، ما كان ينزل بها شيء الا
انشدت فيه شعرا"، وورد عن "عروة" قوله: "ما
رأيت أحدا اعلم بفقه، ولا بطب، ولا بشعر من
عائشة". وروي انها كانت تحث على تعلم الشعر
وروايته، بقولها: "رووا اولادكم الشعر
تعذب السنتهم".وكان "ابن عباس " من رواة الشعر وحفاظه.
سأله "عمر" إن ينشده شعرا، فطلب منه إن يذكر
له اسم شاعر لينشد له شعره، فقال زهير بن
أبي سلمى، فأنشده "إلى إن برق الصباح"،
وزعم انه كان يفسر كلمات كاتب الله
بالشعر، قال: "ابو عبيد" "انه كان يسألا عن
القران فينشد فيه الشعر". وزعم اهل الأخبار
إن "نافع بن الازرق"، و "نجدة بن عويمر"،
سألا "ابن عباس" عن كلمات واردة في القرآن،
فجلس لهما بفناء الكعبة، واخد "نافع"
يسألأه الكلمة تلو الكلمة وهو يشرحها لهم
بشعر، وقد دون نصها العلماء، اخرج بعضها
"ابن الأنباري" في كتاب الوقف، والطبراني
في معجمه الكبير، ويرجع سند "أبن الانباري"
إلى "ميمون بن مهران"، ويرجع سند "الطبراني"
إلى "الضحاك بن مزاحم"، وقد أخذ "السيوطي"
بالروايتين وسجلهما في كتابه: الاتقان في
علوم القرآن"، بعد إن حذف منه نحو بضعة عشر
سؤالاً. وقد وردت هذه الرواية بصور
مختلفة، وذكر إن "ابا عبيدة معمر بن
المثنى"، أخذ أسئلة نافع وادخلها في كتابه
في غريب القرآن.وكان "معاوية" ممن يروي ويحفظ الشعر
الجاهلي، وقد رووا عن حفظه للشعر الجاهلي
واستشهاده به في كلامه شيئا كثيرا، فزعموا
أنه كان يمتحن الناس باشعار الجاهليين،
فإذا وجد في احدهم علما بها زاد في عطائه
وقدمه عنده وأجزل عليه. ورووا أنه كتب إلى:
زياد "بشأن ابنه، وقد وجده عالما بكل ما
سأله عنه إلا الشعر: " ما منعك إن ترويه
الشعر ؟ فةالله إن كان العاق ليرويه فيبر،
وان كان البخيل ليرويه فيسخو، وان كان
الجبان ليريه فيقاتل. ويروى انه سألأ "عبد
الله بن زياد"، ما منعك من روايته ؟ قال:
كرهت أن أجمع كلام الله وكلام الشيطان في
صدري، فقال: اغزب ! والله لقد وضعت رجلي في
الركاب يوم صفين مرارا، ما يمنعني من
الانهزام إلا ابيات ابن الإطنابة، وتمثل
بها، ثم كتب إلى ابيه أن روه الشعر، فرواه
فما كان يسقط عليه منه شيء.وقد تعرض "الجاحظ" لموضوع الشعر الجاهلي
فقال: "والعرب اوعى لما تسمع، واحف؟ لما
تأثر، ولها الاشعار التي تقيد عليها
مآثرها، وتخلد لها محاسنها. وجرت منذلك في
اسلامها على مثل عادتها في جاهليتها، فنبت
بذلك ابني مروان شرفا كثيرا ومجددا كبيرا
وتدبيرا لا يحصى". وقد كان لبني سفيان وآل
مروان عناية فائقة بالشعر الجاهلي، فقد
كان "معاوية" كما ذكرت يحفظ كثيرا من ذلك
الشعر، وينقب عنه، وكان يسأل من يجد فيه
العلم عنه، حتى زمع انه ذكر قصيدتي "عمرو
بن كلثوم" و "الحارث بن حلزة" اليشكري، وقال
كانتا: "من مفاخر العرب، وكانتا معلقتين
بالكعبة دهرا". وزعم إن "ابن أمية" "كانوا
ربما اختلفوا وهم بالشأم في بيت من الشعر،
أو خبر، أو يوم من ايام العرب، فيبردون فيه
بريدا إلى العراق"، وانهم كانوا يسألون
الوافدين عليهم من سادات القبائل ومن
الاعراب ومن العارفين بالشعر عن الشعراء ن
وقد يدكرون بيتا أو شعرا حفظوه لا يدرون
اسم قائله، فكانوا يستفسرون عن قائله، وعن
المناسبة التي قال الشاعر شعره فيها،
ويحسنون جائزة من له علم بالشعر والاخبار.وكان "عبد الملك بن مروان" من العلماء
بالشعر الجاهلي، قيل انه كان يمتحن الناس
به، ومنهم "الحجاج بن أبي يوسف" الثقفي. وقد
ذكر انه استدعى اليه "عامر بن شراحيل"
الشعبي، ليحدثه عن الحلال والحرام، وعن
اشعار العرب وأخبارهم، وكان "الشعبي" من
ذلك الطراز البارع في الشعر وفي أخبار
العرب وفي الحلال و الحرام، وروي إن "عبد
الملك"، كان قد طرح اربعة من شعراء
المعلقات، واثبت مكانهم اربعة، واذا صح
هذا الخبر دل على القصائد المسماة
بالمعلقات في ذلك العهد.وروي انه كان يقول: إذا اردتم الشعر
الجيد، فعليكم بالرزق من بني قيس ابن
ثعلبة، واصحاب النخيل من يثرب، واصحاب
الشعف من هذيل. ويظهر انه كان من المعجبين
بشعر " الاعشى"، وروي انه قال لمؤدب ولده:
"ادبهم برواية شهر الاعشى فإن لكلامه
عذوبة". والاعشى هو من بني قيس بن ثعلبة،
وقد كان يقيم وزنا كبيرا للشعر في تأديب
الاولاد. فكانت وصية لمؤدب ولده: "روهم
الشعر، روهم الشعر، يمجدوا وينجدوا". وروي
انه تمثل وهو بمرضه الذي مات فيه من شعر
"لبيد".