مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام - جلد 4

جواد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ويظهر من القول المنسوب إلى
"الوليد بن المغيرة"، "لقد عرفنا الشعر كله:
رجزه، وهزجه، وقريضه، ومقبوضه، ومبسوطه"،
أن الشعر في نظم أهل مكة: رجز، أو هزج، أو
قريض، أو مقبوض، أو مبسوط، وأن من يقول
الرجز، فهو راجز ورجّاز، ولم يكن الرجز
كما يقول علماء الشعر طويل النفس، وإنما
كان أبياتاً، وقد بقي هذا حاله حتى أيام
الأمويين، فطول ولقي عناية خاصة عند كثير
من الشعراء، فأخذوا يذهبون به مذهب
القصيد، فقصدوه، بأن جعلوه قصائد، وعمدوا
إلى تخفيف ما تتركه بساطة العروض وسهولته
في النفس من ملل، بأن لجأوا إلى استعمال
العبارات البعيدة المأخذ، والأفاظ
الغريبة، والاختراعات اللطيفة، حتى
تمكنوا من إدخاله إلى قصور الخلفاء
الأمويين، ومن نيل الجوائز والألطاف منهم.

وبعود الفضل في رفع مستوى الرجز في
الإسلام، إلى رجلين من "بني عجل"، هما:
"الأغلب بن عمرو" العجلي، "21 ه"، و "أبو
النجم الفضل بن قدامة" العجلي، والى رجال
من "تميم"، على رأسهم: "العجاج" "97 ه" وابنه
"رؤبة" المتوفي سنة "145 ه" وقيل "147 ه"، و
"عقبة" ابن "رؤبة" هذا، و "أبو المرقال
الزفيان"، و "دكين بن رجاء" الفقيمي، و
"محمد ابن ذؤيب" الفقيمي العماني.

و لا نملك شعراً يمكن أن يقال عنه أنه أقدم
ما وصل الينا من مراحل الشعر الجاهلي. حتى
هذا الرجز، الذي ينظر اليه المستشرقون على
أنه أول مرحلةمن مراحل الشعر الجاهلي،
لبساطته ولسهولته، ولكونه وسطاً بين
السحع والشعر، لا نملك نماذج منه، يمكن أن
نطمئن إلى أنها كانت من الشعر القديم،
الذي يصلح للاستشهاد به على انه من قديم
الشعر، إذ لم يحفل علماء الشعر بالرجز
لاعتبارهم اياه دون الشعر، فلم يدونوا منع
شيئاً يذكر، ولذلك نجد نسبته بالنسبة إلى
كمية الشعر الآخر" التقليدي" نسبة ضئيلة
جداً، وهذا ما جعل علمنا بالرجز الجاهلي
قليلاً جداً.

ولسهولة الرجز، ولقابليته على الخروج على
كل لسان، أرى انه كان أكثر نظماً من الشعر
المألوف، ودليل ذلك اننا لو درسنا أخبار
الأيام وأخبار الغزو والمعارك نجد للرجز
فيها مكانة كبيرة، فالمحارب الذي يقارع
خصمه ويتجالد معه يرتجز رجزاً في الغالب
لسهولته على اللسان ولمناسبته لمقارعة
السيوف، وللوقت القصير الذي يكون عنده
ليقضي فيه المحارب على من يحاربه، ثم ان في
استطاعة غير الشعراء الارتجال، وليس في
استطاعتهم نظم الشعر، لذلك كان الرجز اكثر
كمية من الشعر، ولكن كثرنه هذه وسهولته،
قصرتا في عمره، وربما صارتا من العوامل
التي جعلت الناس لاتقدم على حفظه.

ولما كان الشعر تعبيرا عن عواطف جياشةوعن
حس مرهف، وعن نفس حساسة تريد التعبير عن
نفسها بأي أسلوب كان، فان في استطاعتنا
القول انه لازم البشرية منذ عرفت نفسها،
وأخذت تعبر عن احساسها بأية طريقة كانت:
بطريقة بدائية أو متطورة. فبدأ الشعر كما
بدأ الإنسان نفسه، بداية بسيطة ساذجة
بدائية، ثم تطور بتطور مدارك الإنسان،
وتعددت طرقه وبحوره، بتطور العقل
والمدارك وبأرتفاع مستوى الحياة، فكان
لذة يلتذذبها المسافر، وهو يقطع الطرق
الصعبة، والصحاري الموحشة، يعبر عنها
بغناء ذي نغم، وبألفاظ تناسب ذلك الغناء،
كما كان يعبر عنها في التشوق والتحبب إلى
الآلهة والقوى الطبيعية التي كان يرى انها
تؤثر في حياته، وفي مناسبات التقرب إلى
الملوك والحكام، لينال منهم لقمة عيش،
وشيئا من المال كما عبر عنها في الافراح
وفي الاتراح، وفي الفخر والمدح والذم، وهو
الهجاء، وفي الظروف التي تؤثر عليه،
فتجعله يفرح من رؤيتها ويرتاح، مثل
المناظر الطبيعية الجميلة، والأصوات
الجميلة وجمال الإنسان.

والشعر الجاهلي الصحيح، هو حاصل تطور
طويل مستمر، لايمكن تحديد اوله، اذ بدأ
الشعر منذ بدأ الإنسان يشعر بالفرح
وبالسرور وبالتعبير عن عواطفه. وقد فقد
القديم منه بسبب عدم تدوينه في حينه،
وبسبب صعوبة بقائه في الذاكرة إلى أمد
طويل، ولم يصل منه الينا الا هذا القليل
الذي قيل في عهد لايرتقي كثيرا عن
الإسلام، وهذا القليل الباقي، هو الصفحات
القليلة الاخيرة من كتاب لانستطيع أبدا
تقدير حجمه، هو كتاب الشعر الجاهلي الذي
ختم بتغلب الإسلام على الشرك، وبموت
الجاهلية وظهور دين الله.

أما قول القائلين انه لم يكن لأوائل العرب
من الشعر الاالابيات يقولها الرجل في
حاجته، وانما قصدت القصائد في عهد مهلهل،
أوهاشم، أوعبد المطلب، فرأي لايقوم على
دليل، وليس له سناد تأريخي، وانما هو مجرد
رواية رواها رواة الشعر في الإسلام.

/ 456