مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
وفي ذكر الشعر
الفاشل أهمية كبيرة في نظر الشعراء
الخصوم، وفي نظر القبائل التي كانت تبحث
وتتجسس على الهفواط والسقطات لاتخاذها
مغمزاً تنال بها القبائل بعضها بعضاً ! ثم
كيف سكتت قريش عن هذا الشرف الذي كان لها
قبل الإسلام، وقد رووا أنها نظرت فإذا
حظها في الشعر أيام الجاهلية قليل،
فاستكثرلت منه في الإسلام، وأنها أضافت
كثيرأَ إلى شعر "حسان" للاساءة إليه، ولو
كان هذا الشرف المزعوم، لما سكتوا عنه،
ولما سكت من تبسط في تأريخ مكة، أو كتب في
السيرة عن الاشارة إليه، لما فيه من أهمية
كبيرة بالنسبة للتأريخ، ثم اننا لا نجد في
القرآن للكريم. شيئاً يشير إلى ذلك، مع
تعرضه للشعراء، كما لا نجد في كتب الحديث
أي شيء يدل على وجوده، مع أنها تعرضت
للشعر، ولسماع الرسول له، وقد ذكرتّ أنه
كان يسأل الصحابة أن ينشدوا شعر الشعراء
له، الى غير ذلك مما هو مدون في بطون هذه
الكتب. و أما ما زعموه من إن العرب كانت
تعرض أشعارها على قريش، فما قبلوه منها
كان مقبولاَ، وما ردوه منها كان مردوداٌ،
فقدم عليهم علقمة بن عبدة التميمي،
فأنشدهم قصيدته: هل ما علمت وما استودعت
مكتوم، فقالوا.هذا سمط الدهر، ثم عاد اليهم العام
المقبل، فأنشدهم قصيدته: طحا قلب في
الحسان طروب، فقالوا: هاتان سمطا الدهر".
فخبر آحاد، وان تواتر في الكتب، لم يروه
"ابن سلام" ولا "ابن قتيبة"، وهو من نوع خبر
تعليق المعلقات من الموضوعات التي أولدها
أهل الأخبلر.وفي الجدل الذي وقع بين علماء النحو
وغيرهم في جواز او عدم جواز الاحتجاج
بالشعر على غريب القرآن ومشكله، دلالة
بينة على اجماع الطرفين على إن كتاب الله
انما نزل بلسان عربي مبين، ولم ينزل بلسان
قريش، الذي هو حرف من اللسان العربي. فقد
قال المنكرون للاحتجاج على غريب القرآن
ومشكله بالشعر، إن معنى ذلك جعل الشعر
أصلاً للقرآن،مع إن الشعر مذموم في القرأن
والحديث، فردّ عليهم القائلون به بقولهم:
"ليس الأمر كما تزعمون من انا جعلنا الشعر
أصلاّ للقرآن، بل أردنا تبيين الحرف
الغريب من القرآن بالشعر، لأن الله تعالى
قال: إنا جعلناه قرآناً عربياً، وقال:
بلسان عربي مبين.وقال ابن عباس: "الشعر ديوان العرب؛ فإذا
خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله
الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها
فالتمسنا معرفة ذلك منه،".ولو كان القرآن قد نزل بلسان قريش، لما
احتاج الناس الى الشعر للاستشهاد به على
فهم المشكل والغريب، وكان عليهم الرجوع
إلى شعر قريش ونثرهم للاستشهاد به في
توضيح ما فيه من مشكل وغريب، لا إلى شعر
العرب وكلامم من غير قريش، ثم إن في قولهم
بوجود مشكل وغريب فيه، وحروف خفي أمر
فهمها على العلماء، هو دليل في حد ذاته على
انه لم ينزل بلسان قريش، وانما بلسان عربي
مببن، فلو كان قد نزل بلسانهم لما خفي امره
على رجالهم، من مثل أبي بكر وعمر وغيرهما
من رجال قريش، ونجد في المسائل المنسوبة
الى "نافع بن إلأزرق" التي سألها على ما
يذكر الرواة "ابن عباس" قي تفسير الفرآن
بالشعر، دلالة على أنه كان يرى أن القرآن
إنما نزل بلسان عربي، لا بلسان قريش فقد
روي إن "نافع بن الأزرق" قال ل "نجدة بن
عويمر": "قم بنا إلى هذا الذي يجترىء على
تفسير القرآن بما لا علم له به، فقاماليه
فقالا: إنّا نريد أن نسألك عن أشياء من
كتاب الله فتفسرها لنا وتأتينا بمصادقة من
كلام العرب، فإن الله تعالى إنما أنزل
القرآن بلسان عريي مبين فقال: ابن عباس:
سلاني عما بدا لكما، ففال نافع: أخبرني عن
قول الله تعالى: عن اليمن وعن الشمال عزين،
قال: العزون: الجلق الرقاق، قال: وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال: نعم، أما سمعت عبيد بن
الأبرص وهو يقول: فجاءوا يهرعون إليه حتى
يكونوا حول منبره عزينا" وهي أسئلة مهمة اقترن جواب كل سؤال منها
بشعر، من شعر شعراء الجاهلية والمخضرمين
مثل،: "عبيد بن الأبرص"، و "عنترة"، و "أبو
سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب"، و"لبيد"،
و "طرفة بن العبد"، و "مالك ابن عوف"، و "عبلي
الله بن الزبعرى"، و "حسان بن ثابت"، و "عديّ
ابن زيد" العبادي، و "أمية بن أبي الصلت"، و
"أبو ذؤيب"، و "أبو محجن الثقفي"، و " امرؤ
القيس"، و "الأعشى"،و"النابغة"، و "حمزة بن
عبد المطلب"، و "زيد بن عمرو"، و "عبدالله بن
رواحة"، و "زهير بن أبي سلمى"، و "عمرو بن
كلثوم" و "عبيد بن الأبرص"، و "كعب بن مالك"،
و "أحيحة الأنصاري"، و "بشر بن أبي خازم"، و
"ماللك بن كنانة"، و "أبو طالب" و "مهلهل"، و
"الحطيئة"، و "أوس بن حجر"، وشعر آخر لشعراء
لم يشر إلى أسمائهم، وإنما كان يقول: