مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام - جلد 4

جواد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ونجد في المعاجم وفي كتب اللغة كلاماً عن
هذه المعربات، فقي كتاب "المزهر" وكتب
اللغة المعتبرة صفحات نص فيها على الألفاظ
المعربة من مختلف اللغات. فلا أرى بي حاجة
هنا إلى ذكر تفاصيل اخرى عن الألفاظ
المعربة بتفصيل كل ما نص عليه العلماء من
المعربات. ولكتي أود أن أيين إن علماء
اللغة لم يكونوا على علم باللغات
الأعجمية، ونلك لم يتمكنوا من رجع
المعربات إلى أصولها الحقيقية، فأخطأوا
في ذكر الأصول. ونظراً إلى إن فيهم من كان
يتقن الفارسية فقد رجع أصول كثير من
الألفاظ إلى أصل فارسي، لأنه وجد أن الفرس
نطقوا بها، ولم يعلموا انهم أخذوها هم
بدورهم من غيرهم، فصارت من لغة الفرس، أو
انهم وجدوا بعض الألفاظ قريبة من أوزان
الفارسية للكلمات، فظنوا انها فارسية، مع
انها من أصل آخر. وفعل بعض منهم ذلك عصبية
منهم إلى الفارسية لأنهم من أصل فارسي،
فتمحلوا لذلك تكثيراً لسواد المعربات من
لغة الفرس وتعصباً لهم.

وفي شعر الأعشى معربات عديدة مقتبسة من
الفارسية، قدّ يكون أخذها من عرب الحيرة
وبقية عرب العراق، وقد يكون اخذها من
الفرس مباشرة لاتصاله واختلاطه بهم في
العراق. واقتبسها إما ليحكي عما شاهده
ورآه في العراق،فاستعمل الألفاظ الفارسية
الشائعة هناك، وإما أن يكون قد تعمد
إدخالها في شعره ليري الناسَ أنه حاذق
بثقافة الفرس واقف على حضارتهم ولغتهم،
كالذي بفعله بعض من يدرس في بلاد الغرب من
استعماله ألفاظاً أعجمية في لغته ليلمح
للناس بانه قد تثقف بثقافة الأجانب، وتلك
في نظره مبزة يفتخر بها على الناس.

وقد زعم أن الأعشى رحل إلى بلاد بعيدة،
فبلغ عمان وحمص وأورشليم وزار الحبشة وأرض
النبط وأرض العجم، وقد ذكز ذلك في بيتين من
الشعر. والى زيارته هذه للعراق ولأرض
العجم ينسب أهل الأخبار ورود الألفاظ
الفارسية في شعره. وفي بعض المعجمات وكتب
اللغة مثل لسان العرب والمعرب للجواليقي،
أبيات للاعشى يرد فيها وصف لأحوإل الفرس
وعرب العراق، وقد استعمل فيها ألفاظاً
فارسية لها مناسبة وصلة بذلك الوصف. منها
ما يتعلق بالملابس، ومنها مايتعلق
بالأشربة والخمور والأفراح، ومنها ما
يتعلق بالمناسبات مثل الغناء والأعياد.
وشاعر آخر نجد في شعره معربات فارسية، هو
"عدي بن زيد العبادي". وهو من أهل الحيرة،
المقربين إلى ملوكها والى الفرس،
الحاذقين بالعربية وبلغة الفرس. وقد كان
كاتباً باللغتين، كما كان أبوه بليغاً
باللسانين، وتولى رئاسة ديوان العرب عند
الأكاسرة. وهو نصراني، ولهذا استعمل في
شعره ألفاظاً نصرانية اقتبست من
السريانية، وأشار بحكم نصرانيته إلى
عادات نصرانية، كما كان حضرياً مترفاً
غنياً أدخل إلى بيته وسائل الترف والراحة
المعروفة في ذلك اليوم، ولهذا فإن لجمع
شعره جمعاً تاماً ونقده وتحليله واستخراج
صحيحه من منحوله أهمية كبيرة في اعطاء رأي
عن الحياة الفكربة والثقافية لعرب العراق
قبيل ا لاسلام.

وبعد، فإن اللغة التي بحثت عن وجود
المعربات فيها، هي اللغة العربية التي نزل
القرآن بها. أما اللهجات والألسنة العربية
الجنوبية، فإن أثر هذه المعربات فيها كان
قليلاَ، ونجد في كتاباتها ألفاظاً عربية
جنوبية، مكان تلك المعربات. ومعنى هذا
بعُد نلك اللهجات عن المؤثرات الأعجمية
الشمالية. وسبب ذلك رقي المتكلمين بها،
وتقدمهم في الحضارة بالقياس إلى بقية سكان
جزيرة العرب والى ابتكارهم أنفسهم لكثير
من الأشياء، فكان من الطبيعي إن تكون
أسماؤها بلغة الصانعين لها.

ولدي ملاحظة، هي إن وجود المعربات في
العربية الحجازية، يدل دلالة صريحهَ
واضحة، على إن المتكلمين بها كانوا قد
تأثروا بالحضارات الشمالية أكثر من
تاثرهم باخوانهم العرب الجنوبيين، وان
اتصالهم الفكري كان بالشمال أكثر منه
بالجنوب، ولا يقتر هذا التأثر على
المعربات فقط،بل يشمل كل المؤثرات
الثقافية الأخرى، كالذي رأيناه في مواضع
متعددة من الأجزاه المتقدمة من هذا
الكتاب. فكأننا أمام ثقافتين مختلفتين
وشعبين متباينين،بالرغم من اتصال حدود
الحجاز باليمن، وقرب المسافة بينهما، حتى
اللغة نجد بوناً شاسعاً بينها وبين اللغات
العربية الجنوبية، وهذا ما حمل بعض
العلماء على القول: ما لغة حمير
بلغتنا،ولا لسانهم بلساننا، ففرق بين
اللسانين.

/ 456