مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام - جلد 4

جواد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

كما رووا حكماً وأمثالاَ
وأقوالا"، زعموا أنها لحكماء من أهل
الجاهلية حفظها الناس حفظاً، ورووها
رواية رجلاّ عن رجل، وجيلاَ عن جيل، حتى
وصلت، مرحلة التدوين. وكل هذا المسجل الذي
نتحدث عنه، هو من مدونات أهل الإسلام، ليس
فيه من مدونات أهل الجاهلية أي شيء.

وبين هذا النثر، خطب منمقة مزوقة، نسبت
إلى ملوك وسادات العرب البائدة، الذين
بادوا قبل الإسلام بعهد طويل، ومات معهم
أدبهم بالطبع، وخطب نسبت إلى التبابعة،
وقد هلكوا أيضاً قبل الإسلام، وكلام نسب
إلى أنبياء جاهليين، والى الجن أيضاً،
رواه أهل الأخبار، دون أن يكلفوا أنفسم
مشقة الإفصاح عن كيفية وصول تلك الخطب و
ذلك الكلام اليهم، مع أنهم كرّروا القول
بأن كلام بعضهم كان كلاماً آخر يخالف
كلامنا، وأن عربيتهم لا تشاكل عربيتنا،
فكيف نقلوها ودوّنوها إذن في الإسلام إن
نثراً من هذا النوع هو نثر مصطنع بالطبع
صنع على لسان أولئك الماضين، من غير شك ولا
شبهة، فهو من هذه الناحية مكذوب مرفوض.

وأما النثر المنسوب إلى العرب الذين
عاشوا قبيل الإسلام، أو أدركوا الإسلام،
فالصحيح في " أقل من المصنوع، خاصة نصوص
الخطب والحكم والمواعظ، والقصص والأيام،
والوفادات والخطب الطويلة، لأن من
المستحيل على الذاكرة، حفظ الكلام
المنثور بالحروف والكلمات حفظ اشرطة
التسجبل له أو للغناء أو الموسيقى، مهما
وهب الله تلك الذاكزة من قوة في قدرة الأخذ
والحفظ. ثم هي إذا حفظته اليوم، فلا بد وأن
تتعثر به غداً، ثم يزداد تعثرها به بعد
ذلك.

هذا رسول الله يذكر "قس بن ساعدة
الإيادي"، فيقول: "رحم الله قساً كأني أنظر
إليه على جمل أورق، تكلم بكلام له حلاوة لا
أحفظه"، وإذا راجعت نص خطبة "قس" في
الموارد، تجد الرواة على اختلاف شديد فيما
بينهم في ضبط نصها، وهذا حديث رسول الله
التام، لي المروي بالنص، وبالطرق الصحيحة
تراه يرد أحياناً بعبارات مختلفة مع اتحاد
المعنى، مما يدل على أن رواته قدأجهدوا
أنفسهم جهد طاقتهم في حفظه، لكنهم عجزوا
عن حفظه حقظ الكتاب للمكتوب. خذ صيغ
التشهدات في الصلاة مثلا، وهي قصيرة
العبارة، لا طول فيها، تجد الصحابة
والفقهاء يختلفون مع ذلك في ضبطها، فترى
نص تشهد "ابن مسعود" يختلف بعض الاختلاف عن
نص تشهد "ابن عباس"، وعن نص تشهد"عمر"، وعن
نص تشهد "أبي سعيد الخدري"، وعن تشهد
"جابر"، مع قول "ابن مسعود": "علمني رسول
الله التشهد وكفيّ بكفّه، كما يعلمني
السورة من القرآن"، وقول "أبي سعيد الخدري":
"وكناّ لا نكتب إلا القرآن والتشهد"، وقول
"جابر": "كان رسول الله يعلمنا التشهد كما
يعلمنا السورة من القرآن"، بل خذ القرآن،
وهو كتاب الله المضبوط المدو"ن، الذي حفظه
بعض الصحابة، وتلوه على الرسول، وحرصوا
على المحافظة على نصه حرصهم على حياتهم،
بل أشدّ منها، ودونوه ساعة الوحي، وأمام
الرسول، ظهرت مع ذلك فيه قراء ات، بسبب
اختلاف مدارك الصحابة في فهمه وفي حفظه،
وبسبب اللهجات وعيوب الخط، فإذا كان هذا
ما حدث في أيام الرسول وبعد وفاته بقليل،
وقد وقع في أعز كلام بالنسبة للمسلمين،
فهل يعقل بعد،التصديق بصحة النصوص
المروية لخطب طويلة، زعم أنها قيلت في
قصور كسرى، أو بحضرة ملوك الحيرة، أو
الغساسنة، أو تبابعة اليمن، أو الكلام
المروي عن قوم عاد وثمود، وقوم لوط،
وغيرهم وغيرهم ممن هلكوا وبادوا قبل
الإسلام بزمن طويل.

ثم كيف نصدق بخطب زعم انها قيلت في
الجاهلية، مثل خطبة "النعمان بن المنذر"
أمام كسرى، أو خطب الوفد الذي أرسله هذا
الملك إلى "كسرى" ليكلمه في أمر العرب، وهي
خطب طويلة منمقة، على حين يذكر العلماء إن
الأحاديث لم تنقل كما سمعت من النبي صلى
الله عليه وسلم،وانما رويت بالمعنى". وسبب
ذلك، انهم وجدوا إن من غير الممكن اثبات
النص بالرواية من غير تبديل ولا تغيير قد
يقع عليه، وخشية وقوع هذا الخطاً في كلام
الرسول، وهو أعز كلام، وعليه ترتيب
الأحكام في الحلال والحرام، جوّ زوا
الرواية بالمعنى. ولهذا تركوا الاستشهاد
بالحديث "على إثبات القواء- الكلية في لسان
العرب"، ولو وثق العلماء من أن لفظ الحديث،
هو لفظ الرسول حقاً "لجرى مجرى القرآن
الكويم في إثبات القواعد الكلية. واتما
كان ذلك لأمرين: أحدهما إن الرواة جوّزوا
النقل بالمعنى، فتجد قصة واحدة قد جرت في
زمانه صلى الله عليه وسلم لم يقل بتلك
الألفاظ جميعها، نحو ما روى من قوله:
زوجتكها بما معك من القرآن، ملكتكها بما
معك من القرآن، خذها بما معك من القرآن،
وغير ذلك من الألفاظ الواردة، فتعلم
يقيناً انه صلى الله عنيه وسلم،

/ 456