مفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
لم يتلفظ
بحميع هذه الألفاظ، بل لا يحزم بأنه قال
بعضها، إذ محتمل انه قال لفظاً مرادفاً
لهذه الألفاظ، فأتت الرواة بالمرادف، ولم
تأت بلفظه إذ المعنى هو المطلوب،ولا سيما
تقادم السماع وعدم ضبطها بالكتابة
والاتكال على الحفظ. والضابط منهم من ضبط
المعنى. وأما من ضبط اللفظ فبعيد جداً، لا
سيما في الأحاديث الطوال. وقد قال سفيان
الثوري: إن قلت لكم اني أحدثكم كما سمعت،
فلا تصدقوني، انما هو المعنى. ومن نظر في
الحديث أدنى نظر علم العلم اليقين انهم
يروون بالمعنى وفي سنن الترمذي، عن مكحول
عن وائلة بن الأسقع قال: إذا حدثناكم على
المعنى فحسبكم، ورواية الذهبي في سر أعلام
النبلاء: إذا حدثتكم بالحديث على معناه
فحسبكم.لقد وجد الصحابة إن من الصعب عليهم حفظ
كلام الرسول بالنص والحرف، وهم معه في كل
وقت، يحدثهم ويحدثونه، فيشق عليهم ضبط
كلامه، وهم لا يكتبونه ولا يكررونه عليه،
وليس من الممكن أن يجلس رسول الله، ثم يطلب
من أصحابه إعادة كل كلام كلمهم به، فسأله
أحدهم: "يارسول الله ني اسمعع منك الحديث
لا أستطيع أن أؤديه كما أسمعه منك، يزيد
حرفاً أو ينقص حرفاً. شال: لذا لم تحلوا
حراماً ولم تحرموا حلالاّ وأصبتم المعنى
فلا بأس" وكان من الصحابة من يروي حديثه
تاماً، ومنهم من ياتي بالمعنى، ومنهم من
يورده مختصراً، وبعضهم يغاير بين
اللفظيٍن ويراه واسعاً إذا لم يخالف
المعنى. وروي عن "مكحول"، "قال دخلت أنا
وأبو الأزهر على وائلة بن الأسقع فقلنا له:
حدثنا بحديث سمعته من رسول الله ليس فيه
ولا تزيد ولا نسيان !فقال: هل قرأ أحد منكم
من القرآن شيئاً ؟ فقلنا: نعم وما نحن له
بحافطي جداً. إنا نزيد الواو والألف
وننقص، فقال: هذا القرآن مكتوب بين أظهركم
لا تالونه حفظاً، وانكم تزعمون انكم.
تزيدون وتنقصون، فكيف بأحاديث سمعناها من
رسول الله صلى الله عليه وسلم، عسى ألا
يكون سمعنا لها منه إلا مرة واحدة؟ حسبكم
إذا حدثناكم بالحديث على المعنى.وكان ابن أبي ليلى يروي الشيء مرة هكذا
ومرة هكذا بغير إسناد، وانما جاء هذا من
جهة حفظه، لأن أكثر من مضى من أهل العلم
كانوا لا يكتبون،ومن كتب منهم فإنما كان
يُكتب لهم بعد السماع،وكان كثير منهم يروي
بالمعنى فكثيراً ما يعبر عنه بلفظ من عنده
فياتي قاصراً عن أداء المعنى بتمامه،
وكثيراً ما يكون أدنى تغير له محيلاً له
وموجباً لوقوع الإشكال فيه، وقد أجاز
الجمهور الرواية بالمعنى".ولتجويزهم رواية الحديث بالمعنى، لم يحتج
أئمة النحو المتقدمين من المصرين بشيء من
الحديث في النحو، واعتمدوا في ذلك على
القرآن وصريح النقل عن العرب "ولولا تصريح
العلماء براز النقل بالمعنى في الحديث،
لكان الأولى في اثباته فصيح اللغة كلام
النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أفصح
العرب. جرى على ذلك الواضعون الأولون لعلم
النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب
كأبي عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر، وا
الخليل، وسيبويه من أئمة البصرة،
والكسائي، والفراء، وعلي بن المبارك
الأحمر، وهشام الضرير من أئمة الكوفة
فعلوا ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول،
إذ وثقوا بذلك لجرى مجرى. القرآن الكريم في
اثبات القواعد الكلية. وإذا كان هذا موقف
ذاكرة الصحابة من كتاب الله ومن حديث
رسوله، فهل يعقل أن تكون حافظتهم أقوى
وأشد حفظاً واكثر دقة في رواية كلام هو دون
كلام الله وكلام رسوله، فنصدق قول من قال
إن "سلمة بن غيلان" الثققي مئلاّ دخل في ناس
من العرب على كسرى، فطرُح لهم مخاد عليها
صورته، فوضعوها تحتهم، إلا سلمة بن غيلان
فإنه وضعها على رأسه، فقال له: ما صنعت ؟
قال: ليس حق ما عليه صورة الملك أن يبتذل،
وما اجد في جسدي عضواً لا أكرم ولا أرفع من
رأسي فجعلتها فوقه. فقال له: ما أكلك ؟ فقال:
الحنطة. فقال: هذا عقل الحنطة أو أن نصدق
بكلام وفد "طي إلى "سواد بن قارب" الدوسي،
وامتحانهم إياه، ثم جوابه المسجع على
سجعهم، أو كلام الكاهنة "عفيراء"
الحميرية،، أو كلام "ابنة الخس"، أو كلام
"عبد المطلب"، وغره من سادات قريش مع
تبابعة اليمن وحكامها الحبش، وهو كلام
مضبوط بالحروف والكلمات، ترويه كتب أهل
الأخبار على أنه كلام صحيح صادق، لم ينله
تغيير ولا اعتراه تبديل، وكأنه قد سجل على
شريط "تسجيل"، أو على اسطوانة، لم تلعب بها
يد إنسا ن.جاء في "لسان العرب": "قيل لسيدنا محمد رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الأمي لأن أمة
العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب،وبعثه
الله رسولاَ وهو لا يكتب ولا يقرأ من كتاب،
وكانت هذه ا الخلة احدى آياته المعجزة،
لأنه، صلى الله عليه وسلم،