فصول المفیدة فی الواو المزیدة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وقيل في الجمع بين هذه الأحاديث وجوه أحدها أن هذا خاص بالنبي فإنه يعطي مقام الربوبية حقه ولا يتوهم فيه تسويته له بما عداه أصلا بخلاف غيره من الأئمة فإنه مظنة التسوية عند الإطلاق والجمع في الضمائر بين ما يعود إلى اسم الله تعالى وغيره فلهذا جاء بالإتيان بالجمع بين الاسمين بضمير واحد من كلام النبي في الحديثين المشار إليهما وفي قوله أيضا ( من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) وغير ذلك وأمر ذلك الخطيب بالإفراد لئلا يوهم كلامه التسوية وهو مثل الحديث المتقدم من قوله ( لا تقولوا ما شاء الله وشئت قولوا ما شاء الله ثم شئت ) وهذا يرد عليه أن حديث ابن مسعود المتقدم فيه تعليم النبي أمته تلك الخطبة ليقولوها عند الحاجة وفيه ( ومن يعصهما ) فيدل على عدم الخصوصية به إلا أن يقال يؤخذ من مجموع الحديثين أن يقولوا في خطبة الحاجة ( ومن يعص الله ورسوله ) كم علم النبي ذلك الخطيب ويكون حديث ابن مسعود فيه تعليم أصل خطبة الحاجة لا بجميع ألفاظها وفيه نظر وثانيها أن النبي حيث أنكر على ذلك الخطيب كان هناك من يتوهم منه التسوية بين المقامين عند الجمع بين الاسمين بضمير واحد فمنع من ذلك وحيث لم يكن هناك من يلبس عليه أتى بضمير الجمع وهذا لعله أقرب من الذي قبله وثالثها أن ذلك المنع لم يكن على وجه التحتم بدليل الأحاديث الآخر بل على وجه الندب والإرشاد إلى الأولوية في إفراد اسم الله تعالى بالذكر من التعظيم اللائق بجلاله وهذا يرجع في الحقيقة إلى ما قاله أئمة الأصول أولا لكن بزيادة أن ذلك ليس حتما وحينئذ فلا تكون الواو مقتضية للترتيب ورابعها أن ذلك الإنكار كان مختصا بذلك الخطيب وكأن النبي فهم عنه أنه لم يجمع بينهما في الضمير إلا لتسويته بينهما في المقام فقال له ( بئس الخطيب أنت ) فيكون ذلك مختصا بمن حاله كذلك ولعل هذا الجواب هو الأقوى لأن هذه القصة واقعة عين وما ذكرناه محتمل ويؤثر هذا الاحتمال فيها أن يحمل على العموم في حق كل أحد فإذا انضم إلى ذلك حديث أبي داود الذي علم فيه النبي أمته كيفية خطبة الحاجة وفيها ( ومن يعصهما ) بضمير التثنية قوي ذلك الاحتمال وهذا مثل ما قيل في قوله ( لا تفضلوني على موسى ) مع قوله ( أنا سيد ولد آدم ) فقيل في الجمع بينهما وجوه منها أن الذي منعه من التفضيل فهم منه غضا من منصب موسى عليه السلام عند التفضيل عليه فمنعه منه فيكون ذلك مختصا بمن هو مثل حاله والعلم عند الله ورابعها ما روي أن عمر رضي الله عنه أنكر على سحيم عبد بني الحسحاس قوله ( كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا ) وقال لو قدمت الإسلام على الشيب وأن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أمره بتقديم العمرة على الحج واحتجوا عليه بقوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) فلولا أنهم فهموا من الآية الترتيب لما أنكروا ذلك عليه وفهم الصحابة رضي الله عنهم حجة في مثل ذلك لأنهم أهل اللسان وهذا الأثر ذكره جماعة من أئمة الأصول ولم أجده في شيء من كتب الحديث بعد كثرة البحث عنه وكذلك أيضا لم أجد لإنكار عمر رضي الله عنه على سحيم سندا ولكنه مشهور في كثير من الكتب وقد أجيب عنه