ذكر البزدوي وغيره من أئمة الحنفية أن استعمال الواو في الحال على وجه المجاز والاستعارة والعلاقة مطلق الجمع وهذا مقتضى ما تقدم قريبا عن الجرجاني أن واو الحال لا تنفك عن معنى العطف لما تضمن من ضم جملة إلى جملة والذي صرح به الإمام فخر الدين في بعض مباحثه أنها مشتركة بين العطف والحال ومقتضى كلامه كما سيأتي أنها لا تكون مشتركة في غير هذين تقليلا للاشتراك وفي ذلك نظر لأن واو القسم وواو رب لا جامع بينهما وبين العاطفة فادعاء الاشتراك بين هذه المعاني وأن تكون مجازا في الحال أولى لوجود العلاقة بين العاطفة وواو الحال وقد قصر بعض المصنفين القول بالاشتراك على قسم الأسماء والأظهر أنه يجري أيضا في الأفعال والحروف وصرح فخر الدين وجمهور أصحابه بوقوع الاشتراك في الحروف محتجين بإطباق أئمة العربية على ذلك والبحث الذي أشرنا إليه عن الإمام فخر الدين هو على قوله تعالى ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) فإنه احتج بها على حل متروك التسمية عكس ما تعلق به المخالف ووجه استدلاله به أن الواو للعطف أو للحال لأن الاشتراك خلاف الأصل فتقليله أقل مخالفة للدليل والعطف هنا ضعيف لأن عطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية قبيح لا يصار إليه إلا لضرورة كما في آية القذف والأصل عدمها هنا وإذا تعين أن يكون للحال كان تقدير الآية ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه حال كونه فسقا لكن الفسق هنا غير مبين وبيانه في الآية الأخرى وهي قوله تعالى ( أو فسقا أهل لغير الله به ) فصار الفسق مفسرا بأنه الذي أهل لغير الله به فيبقى تقدير الآية ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه حال كونه مهلا به لغير الله ثم استفتح القول على حل متروك التسمية من أن تخصيص التحريم بالصفة يقتضي نفي الحكم عما عدها ومن قوله تعالى ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ) الآية ومن غير ذلك هذا ملخص بحثه واعترض عليه المجد الروذراوي بأمور أحدها منع انحصار الاشتراك في العطف والحال فقد يجيء للاستئناف كما في قوله تعالى ( ولقد مننا على موسى وهارون ) وأمثاله وكذلك في هذه الآية في موضعين أحدهما ( وإن الشياطين ليوجون إلى أوليائهم ) والثاني ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) وثانيها منع أنها واو الحال قال ولا يلفى في كلام العرب واو مقترنة بإن واللام في خبرها وهي للحال وثالثها منع الإجمال في لفظ الفسق فإنه مطلق الخروج عن الطاعة ولو سلم فيه الإجمال فما الدليل على أن بيانه في قوله ( أو فسقا أهل لغير الله به ) ورابعها أن الضمير في ( وإنه لفسق ) لا يصح عوده إلى المذبوح لأنه مجاز محض والظاهر أنه يعود إلى الأكل الذي دل عليه قوله ( ولا تأكلوا ) فيبطل الاستدلال به على كونه مباحا لأن النهي عنه يدل على