اختلف النحاة في الناصب للمفعول معه بعد الواو على خمسة أقوال الأول مذهب سيبويه وجمهور المحققين أن نصبه بالعامل فيما قبله من الفعل أو ما في معناه بوساطة الواو فهي التي صححت وصول الفعل إلى ما بعدها كما في همزة النقل والتضعيف والباء المعدية ونحو ذلك والثاني قول أبي الحسن الأخفش وجماعة معه أن الناصب فيه على الظرف لأن الواو قائمة مقام مع وكانت مع منتصبة على الظرف فلما وضعت الواو موضعها فلم يكن إثبات الإعراب فيها كان ذلك فيما بعدها فانتصبت على الظرفية ونظيره جعلهم إلا مكان غير كما في قوله تعالى ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) لأنه كانت غير مرفوعة فلما وضعت إلا مكانها ولا تصلح للرفع ارتفع ما بعدها على ما كانت غير مرتفعة به وهو النعت ومثله قول الشاعر ( وكل أخ مفارقة أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان ) والتقدير غير الفرقدين والقول الثالث قاله الزجاج أنه منصوب بفعل محذوف يدل عليه السياق ففي مثل استوى الماء والخشبة يقدر ولابس الخشبة وكذلك في البقية قال لأن الفعل لازم والواو غير معدية بل فيها معنى العطف باق بدليل عدم جواز تقديمها مع مصاحبها على الفعل فلا يقال وزيدا قمت فيقدر بعد العطف فعل يقتضيه الكلام كما في الأمثلة والرابع وهو مذهب الكوفيين أنه منصوب على الخلاف لأن الاستواء مثلا منسوب إلى الخشبة وكان حقه استوى الماء والخشبة بالرفع فلما خالفه صار التقدير ساوى الماء الخشبة والخلاف ينصب كما ينصب في الظرف إذا كان خبرا للمبتدأ أو ما الحجازية فإن الأصل فيه أن يجر بالباء فلما خالف الأصل نصب والخامس قاله الجرجاني أن الناصب له الواو وحدها لأن صحة الكلام لما دارت مع الواو وجودا وعدما دل على أنها هي العاملة كإلا في الاستثناء وهو أضعف هذه المذاهب أما أولا فلأنه منتقض بالتضعيف وبهمزة النقل والتعدية لأن صحة الكلام في النصب دائرة مع هذه وليس شيء منها عاملا وثانيا فلأنه لو كانت الواو عاملة لم يفتقر إلى وجود عامل قبلها ولاتصلت الضمائر بها كما تتصل بالحروف العاملة نحو لك وإنك وامتنع الانفصال في نحو لو تركت الفصيل وأمه لرضعها وأيضا فالحروف لا يعمل شيء منها حتى يختص والواو غير مختصة بل تدخل على الاسم والفعل وأما مذهب الأخفش فيرد عليه أن الأسماء المنتصبة هنا ليست ظروفا ولا تصلح معه بالاتفاق فكيف تنتصب