فصول المفیدة فی الواو المزیدة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
كقوله تعالى ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا ) وقوله ( حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ) التقدير وقد فتحت أبوابها وذلك لأن من تتمة إكرام أهل الجنة أن تفتح لهم أبوابها قبل الوصول إليها فلا يتنغصون بالوقوف عليها وليجدوا ريحها قبل الوصول إليها كما جاء في الحديث بخلاف جهنم أعاذنا الله منها فإن أبوابها تفتح حالة وصولهم إليها ليفجأهم العذاب بغتة فيكون ذلك أشد عليهم وعلى هذا يكون جواب الشرط محذوفا تقديره دخلوها وقال لهم خزنتها وكذلك إذا كان الفعل الماضي منفيا فلا بد فيه من الواو سواء كان فيه ضمير أو لم يكن تقول ذهب عمرو وما كلم أحدا ومر وما نطق بكلمة ونزل وما طلع الفجر وكذلك الماضي المنفي بلفظ المضارع مثل جاء زيد وما يكلمنا وذهب ولم تطلع الشمس هذه المواضع التي يشترط دخول الواو فيها وضابطه أنه متى خلت الجملة عن رابط فلا بد من الواو ليكون رابطة كما يربط الضمير وسيبويه يقدر هذه الواو بإذ فكل موضع صلح أن يخلفها إذ كانت للحال والجملة التي تليها حالية وذلك لأن الحال تشبه الظرف فإنك إذا قلت جاء زيد وعمرو منطلق كان معناه وقت انطلاق عمرو وكذلك عطف الظرف عليها كما في قوله تعالى ( لتمرون عليهم مصبحين وبالليل ) فلولا الشبه لما صح العطف ولا شك أن الأصل في الحال المنتقلة أن تكون بغير الواو لأن إعرابها ليس يتبع وما ليس إعرابه يتبع لا يدخله واو العطف وهذه الواو وإن كانت تسمى واو الحال فأصلها العطف وأيضا فإن الحال في المعنى حكم على ذي الحال كالخبر بالنسبة إلى المبتدأ إلا أن الفرق بينه وبينها أن الحكم بالخبر يحصل بالأصالة لا في ضم شيء آخر والحكم بالحال إنما يحصل في ضم غيرها فإن قولك جاء زيد راكبا محكوم به على زيد لكن لا بالأصالة بل بالتبعية بأن وصل بالمجيء وجعل قيدا له بخلافه في قولنا زيد راكب وأيضا فالحال في الحقيقة وصف لذي الحال فلا يدخلها الواو كالنعت إلا أنه خولف هذا الأصل فيما إذا كانت جملة لأنها بالنظر إليها من حيث هي جملة مستقلة بالإفادة فتحتاج إلى ما يربطها بما جعلت حالا عنه وكل واحد من الضمير والواو صالح للربط والأصل الضمير بدليل الاقتصار عليه في الحال المفردة والخبر والنعت فإذا عرف ذلك فلتعلم أنه وقع للزمخشري في كتابه المفصل كلام ضعيف وتبعه عليه ابن الحاجب في مقدمته بزيادة على الضعف ولم يعترض عليه كثير ممن شرح كلامه فنذكر ذلك للتنبيه عليه قال في المفصل والجملة تقع حالا . . . فإن كانت اسمية فالواو إلا ما شذ من قولهم كلمته فوه إلى في وما عسى أن يعثر عليه في الندرة وأما قوله لقيته عليه جبة وشي فمعناه مستقرة عليه جبة وشي انتهى كلامه ومقتضى كلامه أن الاقتصار على الضمير في الجملة الاسمية دون الواو شاذ ونادر لا يعثر عليه إلا قليلا لما أشار إليه بقوله وما عسى أن يعثر عليه في الندرة وكأنه أراد بالشذوذ من جهة القياس وكل ذلك ليس بصحيح أما القياس فقد بينا أن الأصل الضمير وأن المعتبر إنما هو الرابط بين الجملتين حتى تكون الثانية حالا والربط في الضمير أقوى منه في الواو وأما الاستعمال فليس بنادر كما ذكر فقد تقدم منه قوله تعالى ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ) وكذلك أيضا قوله تعالى ( وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض ) في سورة البقرة وكذلك في الأعراف وسورة طه وقوله تعالى ( نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون )