فصول المفیدة فی الواو المزیدة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ومدار الفرق بين هذه المسائل يرجع إلى ما تقدم عنهم أن الواو حقيقة في العطف مجاز في الحال قالوا فمتى صلحت للعطف تعينت له وخصوصا إذا تعذر حملها للحال كمسألة المضاربة فإن حال العمل لا يكون وقت الآخذ وإنما يكون العمل بعد الأخذ له والكلام صحيح باعتبار كونها عاطفة ويكون ذلك على سبيل المشورة عليه بالتجارة في هذا الصنف لا شرطا فلا حاجة إلى الخروج عن الحقيقة إلى المجاز بخلاف مسألة العتق والأمان لأن الجملة الأولى منهما فعلية طلبية والثانية اسمية خبرية وبينهما كمال الانقطاع وذلك مانع من العطف إذ لا بد لصحته أو حسنه من نوع اتصال بين الجملتين فلذلك جعلت للحال لتعذر الحقيقة والأحوال شروط لكونها مقيدة كالشرط فتعلقت الحرية بالأداء والأمان بالنزول كما في قوله إن دخلت الدار راكبة فأنت طالق فإن الطلاق يتعلق بالركوب تعلقه بالدخول وصار كأنه قال إن أديت إلي ألفا فأنت حر وإن نزلت فأنت آمن ووجهوا ذلك بأن الجملة الواقعة حالا قائمة مقام جواب الأمر بدليل مقصود المتكلم فأخذت حكمه وصار تقدير الكلام أد إلي ألفا تصر حرا ومنهم من قال لما جعل الحرية حالا للأداء والحال كالصفة فلم تثبت الحرية سابقة على الأداء إذ الحال لا يسبق صاحبه كما أن الصفة لا تسبق الموصوف ومنهم من قال قوله وأنت حر وأنت آمن من الأحوال المقدرة كقوله تعالى ( فأدخلوها خالدين ) فمعنى الكلام أد إلي ألفا مقدرا للحرية في حال الأداء فتكون الحرية معلقة بالأداء ومنهم من قال هو من باب القلب تقديره كن حرا وأنت مؤد ألفا وكن آمنا وأنت نازل وإنما حمل على هذا لأنه لا يصح تعليق الأداء والنزول بما دخل عليه الواو إذ التعليق إنما يصح فيما يصح تنجيزه وليس في قدرة المتكلم تنجيز الأداء والنزول من المخاطب فلم يصح تعليقه فلذلك قيل إنه من المقلوب والوجوه الأول أقوى وأما قوله أنت طالق وأنت مريضة أو وأنت تصلين فإن الجملة الأولى تامة بنفسها والثانية تصلح للحال فصحت له بالنية كما في نظائرها وقولها طلقني ولك علي ألف قال أبو يوسف ومحمد يصلح ذلك للالزام وتستحق الألف بطلاقها حملا على الحال أو يكون الواو فيه بمعنى الباء مجازا والمقتضي للمجاز قرينة الخلع فإنه معاوضة كما إذا قال احمل هذا الطعام ولك درهم فإنه يستحقه بحمله وقال أبو حنيفة قرينة الخلع لا تصلح دليلا للمعاوضة حتى يحمل عليها فإن المعاوضة ليست بأصلية في الطلاق بل هي عارضة فيه بخلاف قوله احمل كذا ولك درهم لأن المعاوضة في الإجارة أصلية وإذا لم تكن قرينة الخلع صالحة لصرف اللفظ عن حقيقته عمل الطلاق عمله لأنه جملة تامة منجزة وكانت الواو للعطف هذا حاصل ما قرروا به هذه المسائل وفرقوا به بينها وهو مبني على ما ذكرنا أن استعمال الواو للحال على وجه التجوز وأما أصحابنا فقالوا إذا قالت المرأة طلقني ولك علي ألف فطلقها مجيبا يقع الطلاق بائنا بالألف بخلاف ما إذا قال أنت طالق وعليك ألف فإنه يقع رجعيا ولا يلزمها وبهذا قال فيهما أيضا أصحاب مالك وأحمد رحمهم الله وفرقوا بين المسألتين بأن الذي يتعلق بالمرأة من الخلع التزام المال فيحمل اللفظ منها على الالتزام عند الطلاق وأما الزوج فإنه ينفرد بالطلاق فإذا لم يأت بصيغة المعاوضة حمل كلامه على ما ينفرد به ولهذا إذا قال أردت بقولي وعليك ألف الإلزام ووافقته المرأة على ذلك كان خلعا ولزمها الألف على الأصح من الوجهين عند أصحابنا وفرع عليه أنه إذا قال بعتك هذا ولي عليك كذا ونوى البيع أنه ينعقد تفريعا على انعقاده بالكتابة وهذا إذا لم يتقدم من المرأة طلب فإن قالت طلقني ببدل فقال طلقتك وعليك ألف صح ذلك ونزل تقديم الاستيجاب منزلة تمام العقد وذكر صاحب التتمة أنه لو لم يسبق منها طلب وشاع في العرف استعمال قوله أنت طالق ولي عليك ألف في طلب